كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[فائدة في كيفية رواية ما فيه خلل]

صفحة 254 - الجزء 2

  أو أراد منا أن نصلح من عندنا ما وقع من خلل إما في لفظ أو معنى؛ فإن كانت الرواية له على ما حكيناه فلقد ارتقى مرتقى عظيماً، وركب خطراً جسيماً، وسلك غير طريقة أهل الدين، وطلب ما لم يتعرض له أحد من المسلمين، وهو أن نحكم الرواية على ما يصح عنده؛ فإن من عرف بشيء من ذلك لم يوثق بروايته، ولم يعمل أحد من أهل الدين على حكايته.

[العلوم التي وصل بها القاضي جعفر من العراق وبيان تحريه في الرواية]

  ولقد كان محكياً لنا عن القاضي الأجل شمس الدين جمال المسلمين، جعفر بن أحمد بن عبد السلام بن أبي يحيى رضوان الله عليه أنه لما وصل من العراق بالعلوم التي لم يصل بها سواه من علم الأصول والفروع، والمعقول والمسموع، وعلوم القرآن الكريم، والأخبار الجمة عن النبي ÷ وعن فضلاء الأئمة من العترة الطاهرة وسائر العلماء، وكان من جملة هذه الأخبار أخبار في صفة الجنة والنار مروية عن النبي ÷ فطلب جماعة من الإخوان قرآتها عليه ¥ وروايتها فامتنع من ذلك، وهي من محاسن الأخبار؛ فألح عليه من ألح منهم؛ فذكر ¥ أنه قرأها على شيخ له بمكة حرسها الله تعالى، وكان شيخه هذا رجلاً له يد طائلة في علم العربية، وقد حكي له عنه أنه يصلح ما يجد في الأخبار من اللحن ويعتل بأن النبي ÷ كان لا يلحن؛ فعاب عليه ذلك شيخنا القاضي شمس الدين | وامتنع عن الرواية عنه، وقال: إني لا آمن أن يكون في هذه الأخبار شيء قد أصلحه على خلاف ما رواه عن شيوخه قبله.

[فائدة في كيفية رواية ما فيه خلل]

  فكيف يطلب منا الفقيه إقامة أود الأخبار، وقد يكون ذلك لسهو ناسخ أو لإسقاط ما اقتضى ذلك الإعراب أو لغلط بخروج من خبر إلى خبر آخر، أو إدخال حكاية قول قائل في أثناء حكاية قول نفسه، أو غير ذلك من المحتملات، وهل مثل هذا يقول به من له دين أو مسكة من معرفة هذا الفن لولا التجاهل