كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الرد على الفقيه في تعليقه على الحديث في أن محب آل محمد شهيد]

صفحة 256 - الجزء 2

  نص الكتاب الكريم والسنة الشريفة على عصمته كأهل الكساء؛ لحديث الكساء، وحديث المباهلة، وحديث الطير، وما جانس ذلك.

  ولكنا نقول: إنه يبلغ هذه المنزلة من قام بالواجبات، وترك المحرمات، ولقي الله ø بحب آل محمد؛ فمن أتى بهذين الأمرين استحق ما في الأخبار من الثواب الجزيل، ومن أتى بأحدهما لم يستحق ذلك، ولهذا نقول: إن من ركن على شرف النسب وترك الفرائض، وارتكاب العظائم، كان عقابه مضاعفاً، ونقول أيضاً: من قام بالفرائض، واجتنب المحارم، ولقي الله ø يبغضنا أهل البيت كان عقابه مضاعفاً.

  وأما قوله: «وليت شعري أيموت شهيداً، وإن لم يكن من الشهداء الذين عدهم رسول الله ÷ وبين لي الدليل على ذلك».

  فالجواب: أن كلامه هذا متناقض، وهو أن نروي له خبراً عن النبي ÷ في استحقاق الشهادة ثم يسأل عقيب سماعه للخبر عن الدليل عليه! وهذا من علمه الذي اختص به وفارق به جملة العلماء؛ لأن قول النبي ÷ من واضحات الأدلة.

  قال: «وإن لم يكن من الشهداء الذين عدهم رسول الله ÷» أفلم يتنبه أن ما ذكرنا هاهنا مثل ما ذكر في سائر المواضع في أنه يحكم له بمنزلة الشهداء لأنه ÷ صادق في حكاية الجميع؛ فأين كان عقل الفقيه حتى يسأل عما هذا حاله، مع أنه ما ذكر من عَدَّهُ النبي ÷ شهيداً فينظر فيما وراء ذلك، ففي ذكر الشهداء أخبار جمة.

  والأصل في ذلك أن الشهادة عبارة عن استحقاق منزلة مخصوصة شريفة في الجنة فمن أتى بما يستحق به تلك المنزلة سمي شهيداً، ولهذا قال ÷ لما سأل أصحابه: من الشهيد؟ قالوا: من عقر جواده وأهريق دمه في سبيل الله؛ فقال ÷: «إن شهداء أمتي إذاً لقليل، الشهيد من ذكرتم، ثم قال ÷: