[حوار حول حديث: «لا نالت شفاعتي من لم يخلفني في عترتي»]
  فالجواب: أن الكلام في ذلك: أن جهله كان يقضي بالإمساك عن جوابه، لكن منع من ذلك مخافة اعتقاد جهال مقالته أن الإمساك للعجز عن جوابه، وإلا فأي جامع بين (تخلفني) وهو فعل، وبين قولهم: (هذا خلف صدق)، بتحرك اللام، وخلْف سوء بتسكينها، وهو اسم؟! نعوذ بالله من الجهل المردي، أو أراد أن يعلمنا أنه يعرف الفرق بين هاتين الكلمتين؟!
  وأما حكايته: أن الخبر ناقص، فحكاية باطلة؛ لأنه إن كان يروي الخبر على ما زعم من تمامه فلا يمتنع أن يروي غيره على الوجه الذي أورده بحيث لا تجوز له الزيادة في الخبر ولا النقصان منه ولا التحريف بوجه من الوجوه.
  وإن كان لا يروي الخبر وإنما كان ذلك نظراً من الفقيه فذلك أبعد من الصواب؛ لأنه إذا كان لا يجوز له أن يحكم الخبر الذي رواه سواه لأجل طريق يرويه منها هي مخالفة لما روى سواه فلأن لا يجوز له أن يحكمه من غير رواية على وجه من الوجوه أحق وأولى، ولأن الحديث تام وبذلك جرت عادة العرب، والنبي ÷ من أفصحهم، وعلمه هذا يفتح عليه باباً مغلقاً؛ لأنه يحتاج إلى تمام آي كثيرة كقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ}[الرعد: ٣١]، تتمته بقوله: لكان هذا القرآن، وكذلك في قول الشاعر:
  فإن المنية من يلقها ... فسوف تصادفه أينما
  وكثير من الآثار النبوية تترك إيجازاً وفصاحة(١) لعلم السامع بالمراد فكيف يجوز له ذلك؟ وكيف تصح الرواية عمن يعمل هذه الأعمال؟ وقد قدمنا له كيف الكلام فيما يرد من الأخبار، ويقع في شيء منها إشكال أو زيادة أو نقصان.
  وقد قدمنا الحكاية عن القاضي الأجل شمس الدين ¥ - وكان قدوة -
(١) هذا من باب الإيجاز، وقد جعل له أهل البيان باباً، وقسموه قسمين: إيجاز قصر، وإيجاز حذف، وهذا من إيجاز الحذف. تمت من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.