[الكلام حول المراد من الشفاعة المذكورة في الحديث، ولمن تكون]
  خلف النبي ÷ فيه بشر؛ إذ كذباه ولم يصدقاه، ولا اعتقدا إمامته بل خرجا عليه وآذياه؛ فهذا لازم له ولمن كان على مذهبه.
  وإما أن يقول: الشفاعة إنما هي في زيادة الدرجات بعد دخول الجنة فيكون على أصله من آذى النبي ÷ في عترته وخلفه فيهم بشر يدخل الجنة ولا يفوته إلا مزايا الدرجات، فليس عليه في ذلك كثرة مشقة، ولا يحتاج إلى شفاعة النبي ÷ بحال، فخلص نفسك من أحد هذين الأمرين، ولا مخلص لك منهما أبداً إلا أن تكذب نفسك، وترجع عن هذا الحديث وتعتقد أنك كذبت فيه على علي # فيكون علي # على هذا خصمك يوم القيامة».
  فالجواب:
  أما قوله: «ثم هذا الحديث من أعظم الحجج عليه؛ لأنه فيه بين أمرين إما أن يقر بالشفاعة التي كذب بأصلها، وأنها إخراج قوم من النار».
  فالجواب: أنا ما كذبنا بالشفاعة بل نقول بها، ونقول: إن الله يبعث محمداً ÷ المقام المحمود، وهو مقام الشفاعة وليس لأحد من البشر إلا له ÷ فكيف يستجيز الافتراء بالكذب بأصل الشفاعة.
  وأما قوله: «وهو إخراج قوم من النار بعد دخولهم فيها».
  فالجواب: أنا قد بينا أن من دخل النار فهو مخلد فيها دائماً، ودللنا عليه بما سبق من أن العقاب يستحق بما يستحق به الذم، والذم يستحق دائماً، فكذلك العقاب، وبقوله تعالى: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ٧٢}[المائدة]، فلو شفع ÷ لأحد من الظلمة لكان أعظم نصرة.
  وبقوله تعالى في حق الملائكة À: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ٢٨}[الأنبياء].
  وبقوله تعالى حكاية عنهم في قوله تعالى: {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ