كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام حول «لا تخالفوهم فتضلوا» من هو المخالف؟]

صفحة 361 - الجزء 2

  تابعين بإحسان فيقضي بضلال مخالفيهم وكفرهم على أنه قد صار في حيرة.

  وما ذكر بعد ذلك عن صاحب الرسالة: وأما⁣(⁣١) ما ذكر بعد هذه فرأينا بعد وقوفنا على رسالته المذكورة الصفح عما وقع فيها من غلط أو عثار، مما لم يقع عنه توبة ولا استغفار، فأقول [الفقيه]: «لم آت بها خطأ فأستقيل منه، ولا ذنباً فأستغفر عنه، ولا عن طاعة الله توبة، ولا موالاة أصحاب النبي ÷ مع محبة قرابته ومعرفة فضلهم، مما ينكره العلماء النظار الآخذون بالكتاب والسنة، الناظرون فيهما بعين الاستبصار، بل لا يجهل ذلك إلا المارقون الفجار».

  فالجواب: أن قوله: «لم آت فيها خطأ» إن أراد أنه لا يفعل فعلاً لا حسناً ولا قبيحاً؛ فقد نقضه بقوله: «فأستغفر منه»؛ لأنه أثبت أنه قادر على الاستغفار.

  وإن أراد به فعل ما هو طاعة دون ما هو معصية مما يجب الاستغفار عنه - هذا بخلاف مذهبه في أن الله تعالى يخلق جميع أفعال العباد الغي منها والرشاد، ولا تجب التوبة من فعله تعالى بل هو الفاعل لكونه على هذا المذهب فكان يحقق ذلك أنه تعالى يفعل عندهم المعاصي ويفعل التوبة عنها مع أنه يكون بذلك مزكياً لنفسه، وقد نهى عن ذلك الملك الجبار بقوله: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ}⁣[النجم: ٣٢].

  وأما قوله: «ولا موالاة أصحاب النبي مع محبة قرابته ومعرفة فضلهم».

  فالجواب: أنه إن أراد موالاة أصحابه على العموم فقد أخطأ مذهبه الأول؛ لأن فيهم من هو ناكث وقاسط ومارق؛ فكيف يصح منه هذا الإطلاق؟

  وإن أراد من استقام على الطريقة التي فارق النبي ÷ عليها لم يغير ولم يبدل، ولا أخذ ما ليس له، ولا خرج على إمام الحق ولا حاربه، ولا كفر به، ولا قعد عن الجهاد معه، ولا ثبط عنه - فذلك قول صدق، واعتقاد حق، ويصح قوله: «بل لا يجهل ذلك إلا المارقون الفجار».


(١) هذا هو كلام صاحب الرسالة، وهو القرشي ¦.