[من أدلة تقديم أمير المؤمنين علي (ع) على غيره من الصحابة]
  العباس لطال الشرح واتسع، ومن طلبه وجده في كتب أخبارهم، ولا بد لنا أن نذكر منه طرفاً يدل على ما وراءه، وإن طلبه منا وجده مرسله ومسنده.
  ومما خصهم الله - تعالى - به من الشرف ولاية الحرمين المطهرين - زادهما الله على مرور الأيام شرفاً ونفاذاً - فأحكامهم ماضية فيهما بما يسر صاحب بغداد تارة وبما يسوءه أخرى، وإظهارهم لأذان رسول الله ÷ الذي ورثوه عن سلفهم، وأجمع عليه آباؤهم، بحي على خير العمل، مع كراهة من تحنبل، وتحبب إلى العامة بإظهار تصويب مقالتها، لتميل إليه قلوب جهالها، كما فعل صاحب الخارقة في نصه عليه، وتقريضه إياه، فإن كان نصه عليه بعد المعرفة بحاله فذلك مروق عن الدين بيقين، وإن كان للجهل وتحسين الظن فكيف يقتصر على الظن في أمر من أصول الدين، وكيف يعتقد إمامة من لا يعرفه حق معرفته، ولا يجد سبيلاً إلى خبرته.
  ولو سُئل - إن كان من أهل المعرفة - عن تعديل شاهد قد شهد فيما يساوي ربع دينار فما فوقه لما استجاز تعديله إلا بعد معرفة حاله بالخبرة، أو سُئل عن جرح مسلم قد ظهر صلاحه عند بعض الأمة لما استجاز جرحه إلا بعد الخبرة بحاله والتثبت في أمره، وهذا الفقيه قد عدّل صاحب بغداد بغير خبرة، وطعن علينا بغير بصيرة.
  ومن البلية عذل من لا يرعوي ... عن جهله وخطاب من لا يفهم
  ألم تر أن القائم من أهل بيت النبوة وولاة أمر الأمة، يبدي للأمة صفحته، ويعرض عليهم صحيفته، ويقول: ها أنا ذا اسألوني عن معالم دينكم، وعلوم كتاب ربكم، وسنة نبيكم ÷، فإن لم آتكم ببيان ذلك كله فلا تتبعوني، ولا تطيعوا أمري، فإن الحجة تكون له لا عليه.