كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[من أدلة تقديم أمير المؤمنين علي (ع) على غيره من الصحابة]

صفحة 120 - الجزء 1

  ثم يثبت في صدر الكتيبة حتى تنجلي الغيابة⁣(⁣١) عنه وهو صلت الجبين⁣(⁣٢)، براق الثنايا، فلا يجد أحد سبيلاً إلى ذمه، إلا من ينبحه من منزل ناءٍ، مخافة إن شافهه فيفضحه شاهد الحال، ويمقته عقلاء الرجال، فيريد التلبيس على أغمار أهل مقالته، فيقول: قد وقفت على رسالته، واستدللت بذلك على جهالته، فيصدقه من أَنِسَ به، وحسَّن الظن فيه تقليداً، ويصيرون له برجم الظنون شهوداً، ففضائل الذرية $ ظاهرة، وفيها من الآثار النبوية ما يستغرق نصيباً وافراً من الأعمار.

  روى لنا بعض من نثق به من المؤمنين أن الفقيه العالم الورع العابد البرّ الزكي زيد بن الحسن البيهقي ¦ أقام بصعدة - حرسها الله تعالى بدوام جلال المشاهد المقدسة - سنتين ونصفاً يروي لهم الخميس والجمعة في فضائل محمد وآل محمد - سلام الله عليه وعليهم - فما ثنى حديثاً.

  ولا بد أن نذكر طرفاً من ذلك في أثناء كتابنا هذا إن شاء الله تعالى ما يكون تذكرة وتبصرة وذكرى لكل عبد منيب، {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ٢٩}⁣[الكهف]، ويحك ألم تعلم أنا الثقل الثقيل، ودعوة إبراهيم الخليل، قال الله تعالى: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ١٢٤}⁣[البقرة]، فأثبت الإمامة لمن ليس بظالم من ذريته؛ لأن المعلوم لأهل العلم استجابة دعوته # ولو لم يكن كذلك لكان قدحاً في نبوته، وإلحاداً في تَكْرِمَته، وطعناً في الذي


(١) الغيابة: ضوء شعاع الشمس، وقعر البير، وكل ما أظل الإنسان من فوق رأسه، كالسحابة ونحوها. تمت من القاموس. والمراد هنا المعنى الآخر. تمت من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي #.

(٢) أي: واضح الجبين.