[من أدلة تقديم أمير المؤمنين علي (ع) على غيره من الصحابة]
  ثم يثبت في صدر الكتيبة حتى تنجلي الغيابة(١) عنه وهو صلت الجبين(٢)، براق الثنايا، فلا يجد أحد سبيلاً إلى ذمه، إلا من ينبحه من منزل ناءٍ، مخافة إن شافهه فيفضحه شاهد الحال، ويمقته عقلاء الرجال، فيريد التلبيس على أغمار أهل مقالته، فيقول: قد وقفت على رسالته، واستدللت بذلك على جهالته، فيصدقه من أَنِسَ به، وحسَّن الظن فيه تقليداً، ويصيرون له برجم الظنون شهوداً، ففضائل الذرية $ ظاهرة، وفيها من الآثار النبوية ما يستغرق نصيباً وافراً من الأعمار.
  روى لنا بعض من نثق به من المؤمنين أن الفقيه العالم الورع العابد البرّ الزكي زيد بن الحسن البيهقي ¦ أقام بصعدة - حرسها الله تعالى بدوام جلال المشاهد المقدسة - سنتين ونصفاً يروي لهم الخميس والجمعة في فضائل محمد وآل محمد - سلام الله عليه وعليهم - فما ثنى حديثاً.
  ولا بد أن نذكر طرفاً من ذلك في أثناء كتابنا هذا إن شاء الله تعالى ما يكون تذكرة وتبصرة وذكرى لكل عبد منيب، {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ٢٩}[الكهف]، ويحك ألم تعلم أنا الثقل الثقيل، ودعوة إبراهيم الخليل، قال الله تعالى: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ١٢٤}[البقرة]، فأثبت الإمامة لمن ليس بظالم من ذريته؛ لأن المعلوم لأهل العلم استجابة دعوته # ولو لم يكن كذلك لكان قدحاً في نبوته، وإلحاداً في تَكْرِمَته، وطعناً في الذي
(١) الغيابة: ضوء شعاع الشمس، وقعر البير، وكل ما أظل الإنسان من فوق رأسه، كالسحابة ونحوها. تمت من القاموس. والمراد هنا المعنى الآخر. تمت من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي #.
(٢) أي: واضح الجبين.