كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جواب الإمام على رد الفقيه على القرشي]

صفحة 363 - الجزء 2

  بزعمه على خصمه أن قال: إن الحمد لله تعالى لا يصح ممن يعتقد أن لله التصرف في عباده، وأن يوفق ويخذل، ويعز ويذل، وأن مشيئة عباده منوطة بمشيئته، وأن إرادتهم متعلقة بإرادته لا يشاءون إلا ما يشاء الله، ولا يريدون إلا ما أراد الله؛ فإذا لم يصح الحمد من هؤلاء على توفيق من الله وعصمة وهداية خصهم بها مع اعتقادهم أن ذلك من الله لا من قبل أنفسهم، وأن الله بذلك مستحق الحمد لا محالة، أفيصح الحمد ممن يعتقد أن لا قدرة لله على أفعال عباده، وأنهم يفعلون ما يشاءون، ويصنعون ما يريدون، وأن لهم قدرة تصلح للضدين، وأنهم يطيعونه قهراً، ويعصونه جبراً، وهذا اعتقاد هذا الرجل وفرقته، أفيصح من هؤلاء أن يحمدوا الله تعالى، وأي شيء خصهم به دون غيرهم حتى يحمدوه عليه، وعندهم أن الله تعالى قد طهر أبا لهب وأبا جهل كما طهر النبي ÷ وأعطى كل واحد منهم قدرة تصلح للضدين، وتتعلق بالإرادتين؛ فلا معنى حينئذ عندهم لحمد الله تعالى على شيء لا يتولاه، ولا يقدر عليه، بل لا معنى لحمد النبي ÷ ربه ø على ما أعطاهم من هذه النعم من القدرة على الطاعة، والحراسة عن المعصية ... إلى غير ذلك من النعم العظام عليه، والمنن الجسام لديه».

[جواب الإمام على رد الفقيه على القرشي]

  فالجواب:

  أن قوله: «فأقول وبالله التوفيق، وقوله: لقد تهور هذا الرجل تهوراً عظيماً، وركب في خلاف الكتاب والسنة خطراً جسيماً ..» إلى آخر ما ذكر - فهو اعتراف منه بأن العبد يفعل أفعاله ليصح إضافتها إليه، ويثبت لها الأوصاف من حسن أو قبيح، ويتبعها الأحكام من مدح وذم واستحقاق ثواب وعقاب، فلو استقام على هذا بطل مذهبه الأول، وقال بمقالة أهل العدل في نفي القبائح والفحشاء عن العلي الأعلى سبحانه وتعالى؛ لكنه رجع إلى مذهبه الأول وناقض في كلامه عن قرب، فقال مستدلاً على أن الله تعالى يخلق أفعال العباد: إن الحمد لله لا