[جواب الإمام على رد الفقيه على القرشي]
  يصح ممن يعتقد أن لله التصرف في عباده، وأظنه أراد ممن لا يعتقد فأسقط (لا(١)) وهو يريدها فخالف الفقيه في هذا الموضع ما قدمه من أن العبد فاعل لفعله؛ لأنه أورد ذلك مورد الإلزام لمن يفعل فعل نفسه من العباد، ثم غالط وكان الإلزام من صاحب الرسالة على فعل المعاصي وخلقها من الله تعالى فجعل جوابه إلزاماً بزعمه على فعل الطاعات والتوفيق والخذلان والعز والذل، ومشيئة الطاعة.
  ثم لبس أيضاً بقوله: «لا يشاءون إلا ما يشاء الله، ولا يريدون إلا ما أراد الله».
  فالجواب: إن أراد ما يقع من المؤمنين من مشيئة الطاعة فهو حق، وإن أراد المعاصي فإرادة القبيح قبيحة ممن وقعت منه خالقاً كان أو مخلوقاً.
  وإن أراد ما يقع من المطيع والعاصي فقد أخطأ من وجهين:
  أحدهما: أنه عين أولاً التوفيق والخذلان والعز والذل، وأكثر ما يستعمل التوفيق في اللطف الذي يوافق عند فعل الطاعة، وأما الخذلان فيتعلق بنقيض ذلك، وهو أن لا يلطف للعاصي الذي لم يفعل ما هو طريق للطف؛ لأن اللطف مشروط بالاهتداء بالهدى الذي هو البيان وهو في معنى قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}[البقرة: ١٨٥]، فمن استدل بالقرآن الكريم وسلك الطريق المستقيم انتظمه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ١٧}[محمد]، والمراد بقوله تعالى: {زَادَهُمْ هُدًى} هو ما نقوله من اللطف الذي هو التوفيق والتسديد ونوعاهما.
(١) قوله #: «فأسقط (لا) ..» إلى آخره: هذا بناء على أن الكلام لصاحب الخارقة على غير وجه الحكاية في معنى القلب، فكأنه قال: بل أنت يا صاحب الرادعة لا يصح منك الحمد؛ لأن الحمد لا يصح ممن لا يعتقد أن لله التصرف ... إلى آخره، وهو واضح في أنه لا يستقيم الكلام إلا بزيادة لا.
أما إن كان ذلك حكاية من الفقيه لكلام صاحب الرادعة على وجه الاستدلال على معنى أنه تهور بأن قال: إن الحمد لله لا يصح ممن يعتقد أن لله التصرف في عباده ... إلى آخر حكايته لمذهبه؛ فلا وجه لزيادة (لا) وهذا هو الظاهر؛ فتأمل تصب، والله الموفق. انتهى من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي #.