[استدلال الفقيه بالقرآن على أن الله يريد استدراج المكلفين إلى الهلاك والرد عليه]
  وكذلك يخلق عندهم المعصية، والقدرة الموجبة لها، ثم ينهى عنها، ويتوعد على فعلها، وهذا غاية السفه - تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
  وقد وقع التكرار لكثير من الأجوبة بالألفاظ المتقاربة لتكراره لما يوجب ذلك، ولقد كان يكفي ذلك الكلام في مسألة الأفعال في موضع واحد، لكن لو أوردنا كلامه ولم يقرن به جوابه، وأحلنا على غير ذلك الموضع عده قصوراً أو مغالطة كما فعل مع صاحب الرسالة الأولى.
  وأما قوله: «وقد زعم هذا الرجل أنه نزه الله تعالى لما جعل لله شريكاً في خلقه من عباده، ولم يعلم ببطلان قوله هذا وفساده».
  فالجواب: أن في هذا تحقيق إضافة أفعال العباد إلى الله تعالى، فيلزمه ما ألزمناه على ذلك أولاً.
  وأما قوله فيمن أثبت العبد فاعلاً: «أنه جعل لله شريكاً في خلقه من عباده».
  فالجواب: أن أحداً من المسلمين لا يقول: إن لله شريكاً في خلقه؛ لأن ما تفرد الله به تعالى من الأجسام والأعراض الخارجة عن مقدور القُدَر، فلا قادر عليها ولا فاعل لما يوجد منها سوى الله سبحانه، فكيف تصح منه هذه الحكاية لولا الاسترسال، وقلة التثبت في المقال.
  وإن أراد أن العبد يفعل جنس ما سوى ما يختص به القديم سبحانه مما يتعلق بالأمر والنهي والمدح والذم، ويستحق عليه الثواب والعقاب، فقد قلنا بذلك ودللنا على صحته، وقال به هذا الفقيه، وإن كان لا يستقيم على مذهب، فيحكى عنه الوقوف عنده بل قد اضطربت أقواله، وقد جمعناها له في مواضع ليرى تخاليطه معددة مجتمعة، وإن وقعت منه متفرقة.
[استدلال الفقيه بالقرآن على أن الله يريد استدراج المكلفين إلى الهلاك والرد عليه]
  وأما حكايته عن صاحب الرسالة قوله [أي القرشي]: قصد بالإنعام عليهم النعم والتفضل دون أن جعلها استدراجاً إلى الهلاك والعطب.