[من أدلة تقديم أمير المؤمنين علي (ع) على غيره من الصحابة]
  اختصه الله به من خلّته؛ فانظر أي الفريقين أحق بالأمر وأولى بالإمامة؟ أبحار العلم، وجبال الحلم، وعباد الليل، وفرسان الخيل، وأعداء المعاصي، وحتف العاصي؟ كما قال أبو فراس في شعره يخاطب بني العباس:
  دعوا الفخار لعلّامين إن سُئلوا ... يوم السؤال وعمّالين إن علموا
  لا يغضبون لغير الله إن غضبوا ... ولا يضيعون حق الله إن حكموا
  تنشا التلاوة من أبياتهم أبداً ... ومن بيوتكمو الأوتار والنغمُ
  منهم عُلَيَّة أم منكم وهل لهمو ... شيخ المغنّين إبراهيم أم لكمُ؟
  وحال الفريقين بالأمرين المتناقضين أظهر من أن يحتاج فيه إلى تفصيل وشرح طويل، ولكن التجاهل أدوى داء الجاهلين، وأعظم آفة أهل الدين؛ فنسأل الله الثبات على الأمر، والعزيمة على الرشد(١).
(١) إن قيل: ما هو السرّ في انحراف أكثر الأمة عن أهل بيت نبيّها محمد ÷ وشدّة تعصّبها على ضلالها مع كثرة الأدلّة ووضوحها من الكتاب والسنة على أحقيّة مذهبهم؟
قلنا: قد بيّن الرسول ÷ ذلك السرّ في الحديث المُجمع على صحّته أن علياً لا يحبّه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، والنفاق هو إظهار الإسلام وإبطان الكفر، والمنافق لا تزيده الحجج والأدلّة إلا عتواً ونفوراً كما حكى الله سبحانه عنهم: {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ}[التوبة: ١٢٥]، لذلك فإنهم ينفرون عن أنوار الحق ويكرهون ضياء الإسلام ويأنسون كالصرصور بالظلام والإقامة بين عفونات الباطل. تمت من شيخنا السيد العلامة/ محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله تعالى.