كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[قصة الشامي مع أمير المؤمنين]

صفحة 401 - الجزء 2

  موطئاً إلا بهما، قال علي #: (الأمر من الله والحكم، ثم تلا قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}⁣[الإسراء: ٢٣])، فنهض الشيخ مسروراً بما سمع وهو يقول:

  أنت الإمام الذي نرجوا بطاعته ... يوم النشور من الرحمن رضوانا

  أوضحت من ديننا ما كان ملتبساً ... جزاك ربك عنا فيه إحسانا

  نفسي الفداء لخير الناس كلهمو ... بعد النبي علي الحبر مولانا

  نفى الشكوكَ مقالٌ منك متضحٌ ... وزاد ذا العلم والإيمان إيمانا

  فليس معذرة في فعل فاحشة ... يوماً لراكبها ظلماً وعدوانا

  لا لا ولا قائل ناهيه أوقعه ... فيها عبدت إذاً يا قوم شيطانا

  فأطلق # بأول كلامه بأن مسيرهم الذي هو طاعة الله وجهاد في سبيله كان بقضاء وقدر، وأراد بذلك أنه كان بأمر الله وحكمه.

  وكان الشيخ يظن أنه أراد ما يذهب إليه المجبرة القدرية، من أن ذلك كان بجبر منه تعالى واضطرار؛ فلما عرف # أن الأمر قد التبس على الشيخ بينه له بأوضح بيان، وأقام عليه أوضح برهان، ونبه على أن القضاء منقسم إلى معان، وفي هذا مقنع لمن أنصف⁣(⁣١).


= الثواب والعقاب، وسقط الوعد والوعيد، إن الله سبحانه، أمر عباده تخييراً، ونهاهم تحذيراً، وكلف يسيراً، وأعطى على القليل كثيراً، ولم يُعْصَ مغلوباً، ولم يُطَعْ مُكرِهاً، ولم يرسل الأنبياء لعباً، ولم ينزل الكتب للعباد عبثاً، وما خلق السموات والأرض وما بينهما باطلاً، ذلك ظن الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار). انتهى. قال الرضي: من كلام طويل هذا مختاره. تمت.

وقد ذكر المرتضى أخو الرضي في (أماليه) بطوله نحو ما في الأصل، وفيه ذكر البيتين الأولين. ورواه الحاكم أبو سعيد في (جلاء الأبصار) بإسناده إلى زيد بن علي عن أبيه عن جده. ورواه في (كنز العمال). تمت.

(١) وقال ابن القيم في سياق ذمه لقوم احتجوا بالقدر وحملوا ذنوبهم على ربهم: وبلغ بعض هؤلاء =