كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[رجوع المعتزلة إلى الزيدية في العدل والتوحيد]

صفحة 408 - الجزء 2

  ثم تخالفنا في طريق ثبوت الإمامة فعندهم أن طريقها العقد والاختيار في المتقدم من الأئمة والمتأخر، وأن الإمام بعد رسول الله ÷ أبو بكر وعمر وعثمان، ولعله رأي الفقيه في المشائخ الثلاثة إن كان له بذلك خبرة، وأما فيمن بعدهم فقد خلطت الجبرية في طريق الإمامة تخاليط كثيرة، فتارة يذهبون إلى العقد، وتارة يراعون النسب، وتارة يجعلونها إرثاً، وتارة يجعلونها بنص إمامهم لولده أو استيداعها له إلى بلوغه، وجميع ذلك باطل عندنا، فإن طريقها في الأئمة الثلاثة الذين هم: أمير المؤمنين والحسن والحسين $ النص، وطريقها فيمن سواهم الدعوة مع الشروط المعتبرة فيها.

  على أن شهادة النبي ÷، وشهادة كبار الصحابة تكفينا في كونهم القدرية وذلك صحيح بما قدمنا من الأخبار، ولم يبق إلا شهادة من عددهم من اليهود والنصارى والمجوس، ونحن نسامح الفقيه وأهل ملته بشهادتهم لهم؛ لأنهم متهمون بكونهم إليهم أقرب، ولأنها لا تقبل إلا شهادة عدل صادق.

  وأما قوله: «فإن قالوا: فنحن نخالف في ذلك؟ قيل: إنكم إنما تقصدون بذلك دفع الذم عن أنفسكم، وتهربون منه أنفة منكم من بدعتكم، ولهذا يسمون أصحاب الحديث قدرية وحشوية».

  فالجواب: أنا ما دفعنا عن أنفسنا أنهم القدرية إلا للأدلة الصحيحة، وشهادة الصادق ÷ على ما قدمنا ما فيه كفاية ومقنع.

  وأما قوله: «ولا أحد من متقدمي شيوخكم كالعلاف والنظام والشحام وعمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وغيرهم ذكر عنه أنه سمى أصحاب الحديث قدرية، فلا وجه للبهت والمكابرة وحمل النفس على دفع الضرورة».

  فالجواب: أنا قد بينا أن علماء المعتزلة الذين ذكرهم وغيرهم لم يشرفوا إلا بقولهم بالعدل والتوحيد الذي هو رأينا ورأي آبائنا $ وإن خالفوا في طريق الإمامة وفي أعيان الأئمة بعد النبي ÷ التي شاركهم الجبرية فيها، ولو