[رجوع المعتزلة إلى الزيدية في العدل والتوحيد]
  وأما قوله: «ولو آلمَ الطفل من غير عوض لكان ظالماً».
  فالجواب: أنا قد بينا أن الظالم من فعل الظلم، فلو آلم تعالى الطفل ولا يعود عليه نفع يجبر الألم، ولا دفع ضرر، ولا هو مستحق كان ظالماً؛ لأن الظلم هو الضرر الذي ليس فيه نفع أعظم منه أو دفع ضرر أعظم منه أو استحقاق بسبب متقدم من جهته، وهذه صفة ألم الطفل لو خلا عن العوض مع أنه لا دفع مضرة فيه ولا استحقاق فكيف يكون نفي الظلم الصريح طريقاً إلى مشابهة المجوس لولا قلة التحصيل لعلم الأصول.
  وأما قوله: «فلهذا سماهم النبي ÷ خصماء الرحمن».
  فالجواب: أنا قد بينا أن خصماء الرحمن هم المتعصبون للكفار، والمدعون أن الله تعالى خلق فيهم الكفر وعذبهم عليه بالنار، ولا شك أن الخصومة تتوجه لو كان الأمر على ما قالوا تعالى الله عن إفكهم وزورهم وتلبيسهم وغرورهم.
  وأما قوله: «فأما نحن فإنا نسلم الأمر له ونقول: إنه يفعل ما يشاء: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ٢٣}[الأنبياء]، فيجب أن يكونوا هم القدرية».
  فالجواب: أن قوله: يفعل ما يشاء، إن أراد أنه لا يريد شيئاً من أفعاله فيمتنع عليه، أو يحال بينه وبينه، أو يُغلب عليه فذلك حق؛ لأنه تعالى قادر لذاته لا يجوز عليه العجز والضعف.
  وإن أراد أنه يخلق المعاصي ويشاها ويرضاها - فالجواب: أن هذه قبائح وهو تعالى لا يفعلها لعلمه بقبحها وعلمه أنه غني عنها.
  وأما قوله: «لا يسأل عما يفعل».
  فالجواب: أن ذلك إنما يصح متى كان تعالى يفعل الحسن دون القبيح؛ فأما على طريقة المجبرة فالسؤال متوجه بأن يقال: كيف يخلق في واحد الإيمان ثم يأمره به ويعده عليه بالثواب وهو واقع لا محالة أمر به أو لم يأمر به، فيكون بمثابة آمر المرمي من شاهق بالنزول، وكيف يخلق في آخَر الكفر والمعاصي، ثم يذمه