كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[تخليط الفقيه في بيان مذهب المجوس]

صفحة 412 - الجزء 2

  على ما خلق فيه من ذلك، وينهاه عنه ويتوعده عليه بالعقاب الأليم، ويأمره أن يؤمن؟ وهذا يشابه من رمى غيره من شاهق ثم أقبل على ذمه على النزول وتهدده وتوعده بالعقاب ويقول: ما منعك من الصعود وهلا صعدت؟ وإن لم تصعد عذبتك أبد الآبدين، فإن هذا قبيح يتوجه السؤال عنه.

  وأما قوله: «وهم يسألون».

  فالجواب: أن هذا إنما يصح عند من قال: إن العباد يفعلون فحينئذ يتوجه السؤال، وأما من قال إن الفعل فعل الله تعالى فلا سؤال عليهم، بل إنْ توجه فعَلَى مَنْ فَعَلَه وذلك ظاهر.

[تخليط الفقيه في بيان مذهب المجوس]

  وأما قوله: «ولأن المجوس يقولون: الحذر الحذر احترز فإنك إن فعلت لا يصيبك شيء، ويتخذون إناء من طين غير مطبوخ، ويضعون على رف⁣(⁣١) على بيت النار، ويقولون: لو لم يمس هذا ألفي سنة لما انكسر ولما أثر فيه قضاء الله سبحانه.

  والقدرية كذلك يقولون: إنا إذا تحرزنا بحولنا وبقوتنا لا يصيبنا شيء ولا يلحقنا قضاء الله بحال ولو لم أخرج فأطلب لا آكل الخبز، وإن لم أفعل كذا لا يكون كذا من دون قضاء الله ø، والله تعالى يقول: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ٢٢}⁣[الحديد]، وقال النبي ÷: «لا ينفع حذر من قدر» فوجب القضاء بكونهم قدرية ومجوساً.

  فالجواب: أن ما ذكره من قول المجوس الحذر الحذر، ومن الإناء الذي يترك في بيت النار فهي رواية لا نعرفها، على أنها لو كانت الرواية عنهم صحيحة، فلسنا نقول بما حكاه عنا مما يضاهي قولهم بل هي فرية من الفقيه من جملة ما


(١) الرف شبه الطاق يجعل عليه طرائف البيت كالرفرف، الجمع رفوف. انتهى من القاموس، والرف بفتح الراء، تمت من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.