[معنى قول الله: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب ...} إلخ]
  اختلقه علينا، فإنا لا نقول: إنا إذا تحرزنا بحولنا وقوتنا لا يصيبنا شيء؛ لأن هذا يكون خبراً عما لا يكون لو كان كيف كان يكون، وعلم الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه.
  وكذلك قوله: «لا يلحقنا قضاء الله بحال»، إن أراد بما يفعله سبحانه فحكاية باطلة مثل ما تقدم، وإن أراد القضاء بمعنى العلم، فأبلغ في تكذيب الحاكي، بل الله سبحانه عالم بكل معلوم وهو الحي القيوم، ولا يأخذه سهو ولا غفلة ولا نوم.
  وكذلك حكايته: «ولو لم أخرج لا آكل الخبز ..» إلى آخر ما قال، فحكاية منهارة لأنا لا نعلم عواقب الأمور ولا الغيب الذي لم يحصل كيف كان يكون أيحصل أم لا؟ بل هذا مما استأثر الله تعالى بعلمه.
  فكيف يستجيز الفقيه هذه الفرية، ولا يستحي أن يتكلم على من يعلم أنه يكذبه ويمقته الله تعالى وملائكته ومن سمع به أو قرأه، ولأن أفعال العباد وأقوالهم من جملتها لو كانت من الله تعالى، فما الذي أنكر على المجوس؟ إن أنكر قولهم خرج من مذهبه، وإن أنكر قول الله فهو أضل وأشقى، فعلى مذهبه لا يمكنه إلزام خصمه شيئاً مما ذهب إليه فقد كان له مفسح في الكلام سوى ما يعود عليه من الكذب وباله لولا الخذلان - نعوذ بالله منه.
  بل مذهبنا أن الأرزاق من الله، وأن الرزق يطلب الرجل كما يطلبه أجله، وأنه لا يجره حرص حريص ولا يرده كراهة كاره، ولو أنه إذ ألزم نفسه حكاية مذهب خصومه كان يتعرفها لكان أصلح له.
[معنى قول الله: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ ..} إلخ]
  وأما قول الله ø: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ٢٢}[الحديد].
  فالكلام فيه ظاهر ولا حجة للمجبرة فيه؛ لأن الله تعالى حكى أنها لا تصيب مصيبة إلا في كتاب، ولسنا ننكر أن الله تعالى عالم بكل كائنة، وأنه كتب سبحانه