كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[معنى حديث: «لا ينفع حذر من قدر»]

صفحة 414 - الجزء 2

  ذلك للملائكة $ ليعلموا ما يحدث لما لهم في ذلك من المصلحة، ويتوجه عليهم فيه من التكليف.

  وقوله سبحانه: {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}⁣[الحديد: ٢٢]، إن أراد تعالى الأرض كان معناه أن الله سبحانه يعلم الملائكة قبل خلق الأرض ما سيحدث من المصائب سواء كانت المصائب من فعله سبحانه أو فعل عباده حسنة كانت أو قبيحة، وإن أراد تعالى من قبل أن نبرأ المصيبة حمل على ما يصيب من أفعاله تعالى الذي يتولاها ولا يكلها إلى سواه، وأنها تقع حكمة وصواباً سواء كانت مما تحبه النفوس وتهواه، أو مما تنفر عنه ويصعب عليها.

  فأما أفعال العباد فلا يجوز حمل الآية عليها في المعنى الأخير⁣(⁣١) لما قدمنا أنهم يمدحون على الطاعة، ويذمون على المعصية، فلو كانت منه سبحانه لجرت مجرى الصور والألوان، فكما لا يجوز المدح والذم عليها كذلك هاهنا لو كانت فعله تعالى عن ذلك.

[معنى حديث: «لا ينفع حذر من قدر»]

  وأما قوله ÷: «لا ينفع حذر من قدر» فهو كلام حق ولا قائل بخلافه من المسلمين؛ لأن القدر إن كان خلق الفعل فهو سبحانه أقدر على إيجاد فعله، وإن كان بمعنى العلم فلا يقع خلاف ما علمه تعالى، وإن كان مقدوراً؛ لأن العلم يتعلق بالشيء على ما هو به؛ فإن علم تعالى وجوده وجد، وإن لم يكن وجوده من قِبَل أنه علمه بل لأن الفاعل اختار إيجاده، وإن علم أنه لا يوجد لم يوجد، وكان بقاؤه على العدم لأن القادر لم يختر إيجاده، لا للعلم على ما قدمناه في مواضع.


(١) لم تدخل أفعال العباد في هذه الآية لأنها تتكلّم عمّا أُصيب به العباد من المصائب؛ وسكتت عمّا يصيبه العبادُ أي: يفعلونه من المصائب، وبعبارة أوضح: تتحدث عمّا يصيب العبادَ لا ما أصابوه. تمت من شيخنا السيد العلامة/ محمد بن عبدالله عوض المؤيدي حفظه الله تعالى.