كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في اشتقاق اسم القدري وإضافته وما يلزم الفقيه على مذهبه]

صفحة 415 - الجزء 2

[الكلام في اشتقاق اسم القدري وإضافته وما يلزم الفقيه على مذهبه]

  وأما قوله: «ولأن هذا اسم مشتق مضاف⁣(⁣١) فيجب أن يكون لازماً لهم؛ لأنهم يقولون فعلت كذا وكذا بقدرتي، فهم القدرية كما أن مدعي النجارة والصناعة يسمى نجاراً صانعاً».

  فالجواب: أن هذا فاسد من وجوه:

  منها: أنه يجب على موضوع قوله هذا أن يسمي⁣(⁣٢) الله تعالى بذلك؛ لأنه وصف نفسه بأنه مقدر لأفعاله.

  ومنها: أن أحداً من الناس لم يمتنع من القول بأنا نقدر البناء وغيره، وأن الخياط يقدر الثوب هل يمكن أن يقطع منه قميص أولاً، ولأن الإسكاف يقدر الأديم، فيجب أن يكون الناس كلهم قدرية على اعتباره هذا.

  ومنها: أن من ادعى أنه يحسن الصناعة والنجارة ويعلم أنه كاذب في دعواه لا يجوز أن يسمى صانعاً أو نجاراً؛ فكذلك إن ادعينا أنا نقدر أفعالنا وليس الأمر كما نقوله عندكم، فالواجب أنه لا يحسن أن نوصف بذلك.

  ومنها: أن احتجاجه لمدعي النجارة والصناعة أن يسمى نجاراً صانعاً، فإن كان دعواه للنجارة والصناعة من فعله كان الكلام يقع معه في إلزامه، وإن كان لا يصح إضافة الصناعة إلى الصانع حقيقة، والنجارة إلى النجار حقيقة، فما وجه إلزامه.

  وكذلك الكلام فيما نقده علينا إن كان من فعلنا فله أن يطالب بما أنكره غير أنه يخرج من مذهبه، وإن كان من فعل الله تعالى فلا معنى لإلزامه.

  وأما قوله: «وأما نحن فنقول قدره لي غيري ونجره لي غيري، فكيف نكون قدرية، ولو لزم هذا لوجب أن يكون كل الناس نجارين وصواغين؛ لأنه يُنْجَرُ


(١) الإضافة هنا للنسبة فلا إشكال. انتهى من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.

(٢) أي الفقيه يلزمه أن يسمي الله قدرياً –تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً -.