[الكلام فيمن يستحق اسم المجبرة]
  وأما قوله: «ولا يلزمهم هذا الاسم أيضاً إلا من جهة المعنى، وأما من جهة اللغة والإعراب فلا؛ لأنهم على قول أنفسهم هم مجبَرة بفتح الباء، والله تعالى الذي يجبرهم على فعلهم.
  قالوا: ولهذا سمى الله تعالى نفسه جباراً؛ لأنه يجبر الخلق على ما يريده، فلا تصح هذه التسمية وإطلاقها لا فينا ولا في أصحاب جهم بن صفوان، بل نقول: إنكم المجبرة القدرية جميعاً فإنكم تزعمون أنكم تقدرون تجبرون الله على الأفعال، فإنكم متى شئتم أن تجبروه على الرضا وخلق الإرادة لا في مكان وخلق التعظيم تبتم وأطعتم، ومتى أردتم أن تجبروه على السخط والغضب وخلق الكراهة لا في مكان عصيتم، فتقدرون تجبرون الله تعالى على خلق الإرادة والكراهة والتعظيم والإهانة والغضب والرضا في اليوم مائة مرة، فمن أعظم كفراً وأشد تمرداً واستحقاقاً لاسم المجبرة منكم لولا بهتكم فثبت أنكم مجبرة قدرية».
  فالجواب:
  أما قوله: «ولا يلزمهم هذا الاسم من جهة الإعراب واللغة».
  فالجواب: أنه يلزمهم لفظاً ومعنى، واعتلالهم بأنهم مجبرة - بفتح الباء - اعتلال من هو جاهل بعلم الأدب، وحكم النَّسَب، وأسلوب العرب، فما تقول بالنسبة إلى البصرة بصري بفتح الباء أو بكسرها؟ أفليس قد ذكر علماء هذا الشأن أنه كثير الشذوذ، والفقيه قد شحن كتابه بأن المجبرة أصحاب جهم بن صفوان، فلم يستحِ لنفسه من نفسه، ثم حمله الغيظ علينا فسمانا مجبرة:
  قد عمرنا فمت بدائك غيظاً ... لا تميتن غيرك الأدواء
  وأما تفسير الجبار بأنه يجبر الخلق؛ فغلط فاحش، إنما الجبار في أصل اللغة هي النخلة التي لا تنالها الأيدي يقال: نخلة جبارة؛ فلما كان تعالى لا يناله المرام، ولا تنتهي إليه الأوهام، ﷻ عزاً وكرماً ومجداً قيل: جبار.