كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام فيمن يستحق اسم المجبرة]

صفحة 421 - الجزء 2

  وأما أنه يجبر على المعاصي؛ فهذا هبوط لا صعود - تعالى عن ذلك - وعلى أن الإلزام متى قارنه الدليل من جهة المعنى كاف، وقد وافق عليه.

  وأما قوله: «إنه يلزمهم من جهة المعنى» فهو اعتراف بأنهم المجبرة فيلزم جميع ما تقدم.

  وأما مناقضته لذلك حيث قال: إن المجبرة من يضيف أفعال العباد إليهم دون الله.

  فالجواب: أنه قد أخطأ من وجوه ثلاثة:

  أحدها: أنه ينقض ما تقدم من قوله: إن المجبرة من أضاف أفعال العباد إلى الله، فكيف يجمع بينهما في كلام متصل بعضه ببعض، فلو بعد الكلام لوقع الظن بأنه سها فيما حكى.

  الثاني: أن الإلزام على المعنى، ولا شك أن الجبر اسم ذم كالقدري، فلنا أن ننظر من مذهبه مذموم ولا شك أن من أضاف الأفعال قاطبة إلى الله تعالى حسنها وقبيحها أولى بالذم ممن نزه الله تعالى عن خلق الفواحش والمخازي والقبائح.

  والثالث: أنه حكى هذا المذهب عن الجهمية فتسلى به عن الإلزامات التي لا محيص له منها، ثم عاد إلى اعتقاد الجهمية وناظر على أن الله تعالى خالق أفعال العباد، والتخطية لمن أضافها إلى العباد ولهذا سمى من نفاها عن الله تعالى مجبراً.

  وأما قوله: «إن العباد يقدرون يجبرون الله تعالى على الرضا وخلق الإرادة لا في مكان، وخلق الكراهة والتعظيم والإهانة، والغضب في اليوم مائة مرة».

  فالجواب: أن هذا كلام لم يسبق الفقيه إليه أحد من الفرق بل هو جهالة فاحشة وكيف يقال: إن من فعل ما يرضي الله قد جبره على الرضا وعلى المدح له وإثابته، وكذلك في المعصية والعقاب، وليت شعري هل هذا اللفظ الفصيح والمعنى الغريب أخذه عن اللغة العربية، أو العرفية، أو الشرعية، أو من عقله