كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بحث في الأفعال متى تحسن وتقبح]

صفحة 423 - الجزء 2

  فإن قال: لا، قرع باب الكفر الذي ذكره الفقيه حقاً.

  وإن قال: بل هو سبحانه قادر على ما كان وما سيكون وما لا يكون لو أراد أن يكون.

  قيل له: فهل هو قادر على تجهيل نفسه، أو قادر على أن يقلب علمه جهلاً؟

  فإن قال: لا يجب ذلك؛ لأن التجهيل إنما يلزم بالوقوع دون تقدير الوقوع.

  قيل له: فارض منا بمثله في فعل العبد، ولأنه متى شرع في التقدير أتبعنا التقدير تقديراً آخر فمتى قال: لو فعل، قلنا: كان في علمه أنه يفعل فلا يصح له ما رام.

  وعلى أنه يقال له: إن التجهيل⁣(⁣١) عبارة عما يكون به جاهلاً كالتحريك عبارة عما يكون به متحركاً وهو الحركة، ووقوع الفعل أو تقدير وقوعه ليس بجهل؛ لأن الجهل من قبيل الاعتقاد فسائر الأفعال تخالفه في حقيقته، فكيف يقال: إن القدرة على خلاف ما علم وقوعه من التجهيل، لولا قلة التأمل والتحصيل؟!

[بحث في الأفعال متى تحسن وتقبح]

  وأما قوله حكاية عن صاحب الرسالة: أن كل قبيح فالله فاعله، ثم قال: «فهذا تشنيع ما تحته طائل لأن حسن الحسن وقبح القبيح ليس هو ذاتياً، بل


(١) قال ¦ في التعليق: الظاهر أن مرادهم بالتجهيل هو النسبة، قالوا: فلو قدر وقوع ما علم الله أنه لا يقع لانقلب العلم جهلاً فينسب إلى الجهل وهذا معنى التجهيل.

فيقال عليهم: التقدير لا يكشف عن جهل، ولذا ثبت أن الله قادر على وقوع ما علم أنه لا يقع وعلى ترك ما علم أنه يقع، ولا يكشف عن جهلٍ، تعالى [الله] عن ذلك، وليس معنى القادر إلاَّ المتمكن من فعل الشيء وتركه، ومتى علم أحد الجائزين فلا يمنع من تعلق القدرة بالآخر وإلاَّ لكان علَّة لا صانعاً مختاراً. فتأمل، والله أعلم.

نعم، وقول المجبرة: إن علم الله ساق العبد إلى الفعل ... إلخ. ألزمهم العدلية أن يكون الله مُلْجَأ إلى أفعاله لعلمه بها في القدم، وقد اعترف بهذا الإلزام ابن الحاجب وسعد الدين وغيرهما من المجبرة، وأقروا بأنه يلزم منه الكفر، فالحمد لله. تمت.