كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في قبح الكذب وجواز المعاريض]

صفحة 425 - الجزء 2

  الآجنة، وبئس المذهب مذهباً يكون نصرته من المتوهمين على المسلمين.

  وإن استبعد الفقيه ذلك طالع كتبهم مثل كتاب نعت الحكمة لابن الراوندي، وكتاب الزمردة له أيضاً، وكتاب التاج وغيرهما، فإنه يجد ما ذكرناه صحيحاً عنهم - إن شاء الله تعالى - على أن العلماء قد نقضوا عليهم هذه الكتب وما جانسها بما يزيل الإشكال، ويفرق بين الهدى والضلال.

  وأما استشهاده لاجتماع الحسن والقبيح مع تنافيهما من الأفعال بقتل الملك، وشرب الخمر، ونكاح الأخت.

  فالجواب: أنّا قد بينّا أن ما قبح لوقوعه على وجه نحو الظلم والكذب والسفه؛ فإنه لا يتغير حاله بالأوقات والأشخاص.

  فأما ما قبح لكونه مفسدة فتختلف أحوال المكلفين فيه، فما كان مفسدة في حق قوم وهو أن يعلم تعالى أنهم يواقعون عنده القبائح أو يكونون عنده أقرب، أو يتركون عنده ما يجب عليهم أو يكونون عنده أقرب؛ فإنه تعالى يحرمه عليهم بعد أن كان حلالاً لمن لم يكن مفسده لهم من قبلهم، وهذه حال الشرعيات، ومنها الخمر والنكاح وما شاكلها.

[الكلام في قبح الكذب وجواز المعاريض]

  وأما ما اختص به الفقيه في هذا الموضع من تحسين الكذب في إخفاء نبي أو ولي أريد قتله.

  فالجواب: أن هذا من جملة الباب الأول الذي لا يتغير قبحه باختلاف الفاعلين؛ لأن الكذب إنما قبح لكونه كذباً؛ فمتى كان كذباً قبح، ومتى كان صدقاً فقد يخالفه في حكمه.

  وأما اعتلاله في الدلالة على قتل النبي.

  فالجواب: أن في المعاريض ما يغني عن الكذب، وقد قال ÷ لسعد بن معاذ وصاحبه لما أمرهما إلى بني قريظة: «إن وجدتماهم على العهد فأعلنا ذلك،