كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بطلان دعوى الإجماع على إمامة أبي بكر]

صفحة 433 - الجزء 2

  منها ليتبين الصدق من البهتان⁣(⁣١)، ويتضح الحق لذي عينين.

  وإن ادعى أن بعضهم بايع، وبعضهم رضي البيعة، قيل له: ما دليلك على الرضا؟ وإن ادعى عليهم الرضا بالقول كان كدعواه الأولى في المكابرة.

  وإن قال: كانوا بين مبايع وراض بالبيعة وساكت عن النكير سكوت رضا.

  قيل له: إنما يكون السكوت دليلاً على الرضا لو لم يكن للسكوت وجه سوى الرضا؛ فأما إذا كان له وجه يمكن صرفه إليه لم يكن فيه دلالة على الرضا، وقد كان هنالك من حمل الناس على البيعة، والتشديد الشديد من عمر وأصحابه، ونفورهم عمن توقف عن بيعة أبي بكر أو راجع فيها ما لا يدل السكوت معه على الرضا، على ما سنبينه مستقصى ذلك إن شاء الله؛ فلا يمتنع والحال هذه أن يكون كثير ممن سكت إنما سكت مخافة من هيجان الفتنة، وافتراق الأمة، وعلى أن مثل هذه القصة ثابت في قتل عثمان، وإمامة معاوية بن أبي سفيان؛ فإن الناس كانوا بين قاتل لعثمان، وبين راض بقتله، وبين ساكت عن الإنكار، وكذلك كانوا بين قائل بإمامة معاوية، وبين راض، وبين ساكت عن الإنكار.

  فكما لم يجز أن يقال إن ذلك إجماع لما كان للسكوت وجه يمكن صرفه إليه وهو المحاذرة من عاقبة الإنكار، كذلك ما نحن فيه؛ فكانت دعوى الإجماع باطلة زائلة.

  وكذلك يلزمه سائر الأقسام التي قسمها في علي # فيما وقع في قتل عثمان، وعقد إمامة معاوية بن أبي سفيان، في قوله: إنك في معتقدك هذا تنسب علياً # إلى العجز والضعف في الدين، أو قلت: وافقهم ظاهراً وخالفهم باطناً؛ فيكون بزعمك من المنافقين، أو تجعله في درجة المستضعفين ... إلى آخر كلامه عند تمثله بما قيل:

  فتى كان يحميه من الذل سيفه ... ويحميه من عار الأمور اجتنابها


(١) من (المين) (نخ): وهو الكذب.