كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

فصل

صفحة 127 - الجزء 1

  [ثانيها]: سليم المتن من الاحتمالات، [ثالثها]: متخلّصاً من معارضة الكتاب والسنة المعلومة؛ فإن كان على هذه الصفة عمل به ووجب ذلك، ولم يجز اطراحه، وعلى هذا المحصلون من علماء الإسلام، ولم يقع الاختلاف إلا في الدليل على ثبوت التعبد به هل دليله العقل أو السمع؟

  فذهب ابن سريج إلى ثبوت ذلك من طريقة العقل، وفيهم من قال: بل الدلالة عليه السمع، وهو الذي ذهب إليه أكثر الفقهاء من أهل البيت $ وعلماء الإسلام، وحُكي عن أبي الحسن، وبسط الشافعي القول في ذلك في كتاب الرسالة، وهذا بيّن.

  والذي يدل على ذلك قوله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ١٢٢}⁣[التوبة]، فالفرقة ثلاثة، والطائفة منها اثنان أو واحد.

  وأما السنة فإنه ÷ كان يبعث رسله وعماله إلى الآفاق ليمتثلوا أمرهم، فلولا وجوب ذلك شرعاً لما بعث إلا العدد الكثير الذي يحصل العلم بخبرهم؛ ولأن أفعال الصحابة ¤ قد مضى به بغير نكير، فكان الإنسان منهم يفتي بنظره في الحكم، ويروي له الراوي خبراً عن رسول الله ÷ كما فعله عمر في دية الأصابع، وقد كان فاضل بينها.

  ولما اشتبه عليه أمر المجوس وقال: ما أصنع بقوم لا كتاب لهم أَنْشُدُ الله رجلاً سمع من رسول الله ÷ شيئاً في المجوس إلا ذكره، فقال عبدالرحمن: سمعته يقول: «سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب غير آكلي ذبائحهم ولا ناكحي نسائهم⁣(⁣١)» وكان ذلك بمشهد من الصحابة فلم ينكره أحد، فلولا علمهم بوقوع التعبد بخبر الواحد لما سكتوا كما لم يسكتوا في غيره.


(١) أخرجه مالك في الموطأ عن جعفر بن محمد عن أبيه، والشافعي، أفاده في البدر المنير، وغيره. تمت من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي #.