كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في طرق ثبوت الإمامة وكونها شرعية]

صفحة 447 - الجزء 2

  العهد شخصاً معيناً من أولاده أو من سائر قريش، وهذا ليس بمقصود في حق أبي بكر.

  وإما التفويض من رجل ذي شوكة يقتضي انقياده وتفويضه متابعة الآخرين ومبادرتهم إلى المبايعة، وذلك قد سلم في بعض الأعصار لشخص واحد مسؤول على الكافة، ففي بيعته وتفويضه كفاية عن تفويض غيره؛ لأن المقصود أن تجمع شتات الآراء لشخص مطاع، وقد صار الإمام بمتابعة هذا المطاع مطاعاً.

  وقد لا يتفق ذلك لشخص واحد بل لشخصين أو ثلاثة أو جماعة؛ فلا بد من اجتماعهم وبيعتهم وتوافقهم على التفويض حتى تتم البيعة، وهذه قد وجدت في حق أبي بكر لعقد عمر له بالبيعة بحضور بشير بن سعد، وهو من جملة الأنصار وساداتهم، وحضور أبي عبيدة بن الجراح وهو أمين هذه الأمة، وحضور غيرهم من المهاجرين والأنصار، ثم توافق الناس على البيعة على ما سنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.

  ولو تأخر عن البيعة متأخر لكان باغياً ولوجب قتاله إلى أن يعود إلى الحق، ولم ينقل بنقل صحيح أن أحداً تأخر عن بيعة أبي بكر واستمر على ذلك أبداً».

  فالجواب:

  أما قوله: «ومذهبنا في صحة الإمامة بعد وجود شروطها إذا بطل النص بالعقد والاختيار ..» إلى آخر ما ذكر - فهو كلام صحيح؛ لكن النص قد صح، فبطل الاختيار.

  وأما قوله: «بثبوت الإمامة بنص الإمام على غيره».

  فالجواب: أنه ليس بطريق عندنا، وإن كان الفقيه قال: ليس هذا مقصوداً في حق أبي بكر، لكن الدليل أن الإمامة شرعية؛ لأنها تقتضي التصرف على الناس في أمور ضارة كالقتل والقطع والجلد وأخذ الأموال طوعاً وكرها، وصرفها فيمن يراه الإمام، وهذه أمور ينفر عنها العقل لولا مبيح شرعي.