كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في طرق ثبوت الإمامة وكونها شرعية]

صفحة 448 - الجزء 2

  وإذا كانت شرعية وجب أن تؤخذ أوصافها وشروطها وطرقها من جهة الشرع، وليس في الشرع ما يدل على أن نص الإمام يوجب إمامة من نص عليه سيما ما لم يكن الناص معصوماً، وهذا الذي ذكرنا بعينه دليل على أن عقد واحد برضا جماعة ليس بطريق للإمامة كما زعم في عقد عمر للإمامة لأبي بكر بحضرة بشير بن سعد وأبي عبيدة بن الجراح وغيرهما؛ فيجب أن يكون باطلاً؛ لأن إثبات الإمامة بغير طريق شرعي لا يصح، خلافاً للإمامية فإنهم يقولون: إن طريق الإمامة العقل؛ فاعتقدوا أن الإمام معصوم، وأنه يعلم الغيوب، وأن الزمان لا يخلو من إمام، وبنوا ذلك على أمور فاسدة أوقعهم فيها بعض الخلفاء لكيلا يعتقدوا إمامة من قام ممن ليست فيه هذه الأوصاف؛ فسَدَّ عليهم باب الإمامة، واستولى على ادعائها، وتابعه من بعده، وقل النزاع لهم لهذه الحيلة الخفية، ولو نازعهم لقالوا متى ظهر الإمام بالصفة التي تدعونها سلمنا له الأمر، ولم نحل بينه وبينهم لعلمهم أنه لا يوجد أصلاً! فضلوا وأضلوا كثيراً، وضلوا عن سواء السبيل.

  وقد مر في احتجاج الفقيه في مقدمة الاحتجاج على إمامة أبي بكر بعقد عمر ما فيه بعض عبارات الإمامية، وهي قوله: أو التفويض من ذي شوكة يقتضي انقياده وتفويضه متابعة الآخرين ... إلى آخر ما ذكر؛ فالقوم جعلوا ذلك دليلاً على الإمام من جهة العقل، والفقيه جعله دلالة على عقد الإمامة في من هذه حاله، ولا شك أنه وجد مسطوراً فطلب الاستعانة به، وهو يخالف مذهب الجميع.

  مع أنا قد قدمنا أن الدلالة تنتظم من جعله طريقاً للإمامة عقلاً، ومن جعله دلالة على جواز العقد ممن هو مطاع عند أهل العصر، وهو أن الإمامة أمر شرعي، ولا طريق في الشرع يدل على أن العقد طريق الإمامة سواء كان من مطاع أو عالم وهو مقهور، وقد بطل العقد والاختيار؛ فثبت النص.

  وأما قوله: ثم توافق الناس على البيعة.