كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الكلام في طرق ثبوت الإمامة وكونها شرعية]

صفحة 449 - الجزء 2

  فالجواب: أنه إن أراد أن الإمامة انعقدت وثبتت بعقد عمر بحضرة من حضره فلا اعتبار بعد ذلك بإجماع من أجمع أو خلاف من خالف، لكن الشأن في كون ما فعله عمر من العقد كان عن دلالة شرعية من كتاب أو سنة.

  فإن وجد ذلك، ولن يجده ثبتت الإمامة لأبي بكر، وإن لم يجد ذلك كان فعل عمر وعقده بغير دليل شرعي فلا يعتد به، إذ ما فعله الواحد من الأمة لا يلزم جماعتهم في عقد الإمامة، وهذا ظاهر.

  وأما قوله: «ولو تأخر عن البيعة متأخر لكان باغياً، ولوجب قتاله إلى أن يعود إلى الحق».

  فالجواب: أن هذا اعتراف منه بأن عقد عمر كان كافياً بحضرة من حضره، ولو كان ما فعله كافياً لكان من خالفه باغياً، لكن فعل عمر وقع مخالفاً للشرع؛ إذ لا أصل له فيه، فكان باطلاً.

  وأما قوله: «ولم ينقل بنقل صحيح أن أحداً تأخر عن بيعة أبي بكر، واستمر على ذلك أبداً».

  فالجواب: أنه على طريقته التي ذكرناها في صحة عقد عمر بحضرة من حضر من بعض الصحابة لا ينبغي له أن يحفل بمن خالف بعد ذلك من الصحابة؛ لأنه إنما يعتبر إجماعهم إذا كان الإجماع هو الطريق إلى صحة إمامة أبي بكر.

  وأما إذا كان يثبت بعقد عمر بحضرة من حضر فلا حاجة له إلى اعتبار الإجماع؛ إذ لو كان الإجماع معتبراً انتقض عقده لأبي بكر؛ لأن الجميع من الصحابة لم يحضروا العقد، ولا يعلم أن الجميع بايع، ولا قال بصحة إمامته لفظاً، ولا كان سكوت من سكت مع خشية المشاقة وتفاقم الأمر، وعدم الأنصار على إظهار الإنكار يدل على الرضا؛ فما هذه الجمجمة؟!

  ولأنه قال: من تأخر كان باغياً وجاز قتاله، وهذا دليل على أنه لا يعتمد الإجماع في بيعة أبي بكر بل يقطع على صحتها بعقد عمر للبيعة له؛ فقد ذهب