كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[نكتة في سكوت أمير المؤمنين (ع)]

صفحة 463 - الجزء 2

  هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم

  هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقي النقي الطاهر العلم

  يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركنُ الحطيم إذا ما جاء يستلم

  في كفه خيزران ريحه عبق ... من كف أروع في عرنينه شمم

  فليس قولك مَنْ هذا؟ بضائره ... فالعرب تعرف من أنكرت والعجم

  مِنْ معشرٍ حبهم دين وبغضهم ... كفر وقربهم ملجا ومعتصم

  مقدم بعد ذكر الله ذكرهم ... في كل بدء ومختوم به الكلم

  إن عُدّ أهل التقى كانوا أئمتهم ... أو قيل مَنْ خير أهل الأرض قيل همو

  فجوابنا للفقيه في قوله: «كيف يدعي إجماع قوم لا يعرفون»: فإذا جهلت عترة النبي ÷ فمن تعرف؟ فقد عرفناك من هم في هذا الجواب، وقد قدمنا أن أهل البيت في وقت الخلافة هم: أمير المؤمنين، وزوجته، وابناهما - سلام الله عليهم - وقد علم الكل حالهم في هذه المسألة، وما جرى منهم وعليهم.

  وأما سائر الأعصار فيكفي في معرفة الإجماع ما يظهر من أقوالهم وتصانيفهم ومناظراتهم، وأنه لو كان فيهم من يرى خلاف ذلك والحق فيه واحد لظهر واشتهر، وبهذا يفارق ما كان من الاجتهاديات كما قدمنا.

  وقد عرف الفقيه حال كثير من الأمور الشرعية، وأن وجوب شيء منها مجمع عليه، وآخر مختلف فيه، ولو طلب ما رامه منا من تعيين أهل الإجماع بأسمائهم وأوصافهم، وكذلك ما وقع في الخلاف لم يتأت له، وكيف يصح على مطلوبه هذا معرفة إجماع أبداً، وهل الفقيه يرى بهذا الاعتبار وصحة تواتر الأخبار حتى أن الخبر لا يكون متواتراً إلا بأن يعرف رجال روايته وأسماءهم وأحوالهم، أو يعتبر ظهور الخبر في الأمة، وحصول العلم، وقلة النزاع، وثبوت النكير على من رده.