كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[بيان معنى آية الاجتباء وإفادتها للإمامة]

صفحة 467 - الجزء 2

  السنة والجماعة بأن الحق في ذلك الوقت مع علي #، وأن معاوية قد نازعه حقه، وقد كان له تأويلات يعتمد عليها، وشبهة يركن إليها، من طلبه بدم عثمان، وغير ذلك.

  ولا أحد يدعي الإجماع في قتل عثمان، ولا في إمامة معاوية بن أبي سفيان فشتان ما بين الأمرين، ويا بعد ما بين المنزلتين، وقد بان بهذا خروجنا عما ألزمنا من الأقسام، وبقي عليه تعجيزه علياً، وتضعيفه أو مداهنته أو نفاقه إلى آخر ما قال والسلام».

  فالجواب: أنه أورد الجواب منه على غير ما سئل عنه، وهو في ذلك إما جاهل بالمراد، أو متجاهل للتمكن من الإصدار والإيراد.

  وبيان ذلك: أنه لما جرى الكلام في ادعاء الإجماع على إمامة أبي بكر قيل له: إما أن تدعي الإجماع فعلاً بأن بايع الجميع، أو قولاً بأن لفظ بها الجميع، أو بأن كان القول أو الفعل من البعض وسكت البعض، وبطل الأولان؛ لأنه لا طريق له إلى العلم بأحوال الصحابة وأفعالهم على التعيين والتفصيل، وبقي الثالث وهي: بيعة البعض وسكوت الباقين، فيقال له: السكوت لا يدل على الرضا إلا إذا كانت الحال حال سلامة، ولم يكن هناك لا وعيد ولا تهديد، ولا حمل الناس على البيعة طوعاً وكرهاً، كما جرى على الزبير وغيره.

  ثم قال له: إنا نعارضك في باب السكوت على النكير، وأنه لا يدل على الرضا بقتل عثمان، وبيعة معاوية لما لم يكن الحال حال سلامة؛ فكذلك نقول أيضاً في سكوت من سكت عن النكير في عقد الإمامة لأبي بكر.

  والجامع بين هذه الأمور الثلاثة: أن السكوت لم يكن عن رضا بما جرى، ولكن لم يتمكن الساكت عن النكير خيفة وخشية.

  فعدل الفقيه - لسعة علمه! - إلى أنه ألزمه إمامة معاوية، وتصويب قتلة عثمان، فنفى ذلك عن نفسه، وعمن يعلم أنه لا يقول به! وهذا غير مراد بل