[الكلام حول الرضا والسخط]
  وهل يلزمه أن يكون تعالى مكذباً لنفسه فيما ذكر من هذه الآيات من المدح بعد الذم، والذم بعد المدح، والرضا بعد استحقاق العقاب، واستحقاق العقاب والإهانة بعد الترضية؟!
  وكيف استرجع عن مقالة من شهد بصحة مقالته القرآن الكريم؟ لولا العجلة وقلة التثبت؛ بل نقول: يلزم على أصله هذا أن لا يسلم كافر ممن قد سخط الله عليهم أبداً، ولا يسخط على من رضي عنه أبداً، ويلزم أن لا يرتد مسلم ممن قد ¥، وإن ارتد لم يسخط عليه، وكل ذلك باطل.
  بل قد علمنا أن من كفر فالله ساخط عليه ما دام كافراً، فإن أسلم فالله راضٍ عنه ما دام مسلماً، فما هذا الكلام المدخول من جوانبه؟
  وعلى أنا قد بينا له فيما تقدم أن من جملة الصحابة المرضي عنهم من خرج على أمير المؤمنين(١) # يوم الجمل فنكث بيعته وبغى عليه فقاتلهم وقتل كثيراً منهم، ومعلوم أن الخروج على إمام الحق ومحاربته فسق عند الكافة، ولهذا سماهم الناكثين، والله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ}[الفتح: ١٠].
  وقد روينا عن النبي ÷ أنه قال له: «إنك تقاتل بعدي الناكثين والمارقين والقاسطين» - يعني بالناكثين أصحاب الجمل وبالمارقين أهل النهروان من الخوارج، وبالقاسطين معاوية اللعين وأصحابه - فكيف يقال: إن من ¥ لا يعصي بعد ذلك، ولا يسخط الله عليه؟ لولا الاسترسال بغير قانون.
(١) قال ¦ في التعليق: ومنهم جد بن قيس من أهل الحديبية، قال جابر بن عبدالله: كان منافقاً، وأن الأحق بالآية علي؛ لأنه كان فتح خيبر على يديه. تمت (تفريج). وقد تقدم عن الكنجي أنه ذكر هذا الخوارزمي عن جابر. تمت.
ومنهم الذي حدّه عمرو بن العاص في مصر لشربه الخمر مع ابن عمر ابن الخطاب، والقصة ذكرها ابن أبي الحديد في (شرح النهج).