كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

فصل

صفحة 130 - الجزء 1

  وردوا خبر أبي موسى في حديث الاستئذان، وقد احتج الشافعي أيضاً على ذلك بوجه قوي، وهو ما ثبت من الحث على طلب الحديث، وترغيب الناس في سماعه وأدائه؛ إذ الضروري والمتواتر لا يحتاج فيه إلى عناية لكثرة ناقليه، ولا يراد بالحديث إلا العمل به، وأنا أقول:

  إنا قد روينا بالأسانيد أن أصحاب رسول الله ÷ كان بعضهم يسافر ليسمع الحديث من صاحبه، وذلك آحاد، وينكرون على مَنْ لم يقبل منهم ما رووه عن النبي ÷، كما فعله أبو الدرداء لما رد عليه معاوية خبره في الصرف غاضبه وحلف أن لا يساكنه، وكذلك فعل التابعون كعلي بن الحسين وولديه محمد وزيد ابني علي $، والحسن بن الحسن وأولاده عبدالله بن الحسن وأخويه وزيد بن الحسن، والقاسم بن محمد، ومحمد بن جبير بن مطعم، ويزيد، وطلحة، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وخارجة بن زيد، وسليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب؛ فهؤلاء وجوه أهل المدينة، وخيار أولاد المهاجرين والأنصار.

  ومن أهل مكة: عطاء، وطاووس، ومجاهد، وابن أبي مليكة في آخرين. ومن أهل الشام: مكحول وعبد الرحمن بن عثمان. ومن أهل البصرة: الحسن، وابن سيرين. ومن أهل الكوفة: الأسود، وعلقمة، ومسروق؛ فهؤلاء عملوا بأخبار الآحاد.

  وأظهر من هذا كله ما قدمناه من بعث رسول الله ÷ الأمراء والسعاة والمعلمين إلى الآفاق وأخبارهم آحاد، كبعثه علياً # إلى اليمن، وكذلك معاذاً وعثمان إلى الطائف، وعمرو بن حزم إلى نجران، وعتاب بن أسيد إلى مكة، وأبا موسى إلى اليمن، وعمرو بن أمية إلى النجاشي ودحية بن خليفة، أو ابن أبي خليفة - على اختلاف الرواية - الكلبي إلى قيصر، والعلا بن الحضرمي إلى أهل البحرين.