[الكلام في المراسيل]
  وإذا تقررت هذه الجملة فلنرجع إلى الكلام في بعض أحكامه؛ لأن مصنّف الرسالة الخارقة أنكر علينا إرسال الحديث إنكار من قطع على حظر ما سوى مذهبه ورأيه، وهذا خلاف قول أهل الفقه؛ فإنهم وإن صوبوا نفوسهم فيما يذهبون إليه فإنهم لا يُخَطِّئون مَنْ خالفهم في رأيهم لدليل شرعي آخر اعتمدوه، لولا ذلك لاكتفى الحنفي بالشافعي، والشافعي بالحنفي في التضليل والتجهيل، واستراح باقي الأمة.
[الكلام في المراسيل]
  فإذا كان الأمر كذلك فلا بد أن نتكلم في المراسيل(١)، ومعنى الإرسال: أن يروي الراوي الحديث عن رسول الله ÷ بالإسناد الصحيح على شروطه المعتبرة كما قدمنا إلى رسول الله ÷ فإذا صح له ذلك قال: قال رسول الله ÷، أو ذكر بعض الرواة دون بعض ميلاً إلى الاختصار لبعض الأغراض؛ فمذهبنا أن ذلك يجوز، ولا نعلم فيه خلافاً بين العترة $ ومَنْ قال بقولهم، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، ومالك والمتكلمين؛ بلا خلاف في ذلك بين من ذكرنا إلا ما يحكى عن عيسى بن أبان فإنه قال: تُقْبل مراسيل الصحابة والتابعين وتابع التابعين، ومن نزل عن درجتهم لم تقبل مراسيله إلا أن يكون إماماً.
(١) قال ¦ في التعليق: ففي المسألة إطلاقان، وتفصيلان:
الأول: القبول مطلقاً؛ وهو مذهب العترة، ومن معهم.
وعدمه مطلقاً، وهو مذهب أهل الحديث، والظاهرية.
والتفصيل الأول لابن أبان: أنه يقبل مراسيل الصحابة، والتابعين، وتابعيهم.
الثاني: للشافعي أنه لا يقبل إلا أن يعضده ما يقويه من ظاهر أو عمل صحابي، أو إرسال تابعي.
قال محمد بن إسماعيل الأمير في حديث سعيد بن جبير: أن عمر بن الخطاب أتي بمولود له بدنان إلخ، قال السيوطي: ورجاله ثقات، إلا أن سعيد بن جبير لم يلقه قط، قلت: لايضر ذلك، فإنه من قسم المرسل الذي أجمع السلف على قبوله كما ذكره العلامة محمد بن إبراهيم الوزير عن العلامة الكبير محمد بن جرير، وقال إنه إجماع السلف، ولم يظهر الخلاف إلا بعد المائتين، انتهى شرح تحفة.
فائدة: قال ¥: مات عبدالله بن أحمد بن حنبل سنة ٢٧٠ هـ عن الذهبي تمت نقلاً من هامش نسخة.