[مناقشة الفقيه في بعض مسائل أصول الدين]
  صدق بالثواب، وإن كذب وَمَوَّهَ بأليم العقاب.
  قال: وأما اعتراضه على ذلك بأن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ... إلى آخر كلامه، فليس هذا اعتراضاً على ما سبق وأي مناسبة بينه وبينه لو صدق لكن لما قال إمامه في أول رسالته وذكر أنه رواه عن الصادق الأمين ÷: «من أخذ دينه عن التفكر في آلاء الله وعن التدبر لكتابه، والتفهم لسنتي زالت الرواسي ولم يزُل، ومن أخذ دينه عن أفواه الرجال، وقلدهم فيه ذهب به الرجال من يمين إلى شمال، وكان من دين الله على أعظم زوال» وزعم أنه كذلك، وأنه تابع لما هنالك، أحببت أن أذكر طرفاً من اعتقاده، ليتبين من وقف عليه صحيح قوله من فساده؛ فذكرت ذلك لما دعتني الحاجة إليه، ولأستدل بما ذكرت من خروجه عما استدل به عليه.
  وذكرت في أول كلامي بأن الله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وأن إمامه وفرقته يعتقدون أنهم يفعلون ما يشاءون لا ما يشاء الله، ويحكمون على الله في عباده بما أرادوا لا بما أراد الله، لأبين قبيح مذهبهم، وسوء معتقدهم، وأظهر خلافهم، لما ادعوا من موافقة الخبر بما قد شاع منهم واشتهر، فنقل هذا القدري من قولي ما أراد، وقطع بعض الكلام من بعض ليجد المسلك فيما قصد من الخلاف والعناد».
  فالجواب:
  أما قوله: إن صاحب الرسالة ضاقت حوصلته عن نقل الرسالة على ما هي عليه ... إلى آخر ما ذكر ليوهم أن موردها على غير الصواب، وهذا من الفقيه اختصاص بعلم ما في القلوب، حتى قطع على الغيوب، وكان يمكنه الإعتذار عن تخليطه وقلة نظم كلامه من دون ادعاء ما ليس في وسعه، قال الله تعالى حكاية عن عيسى #: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ