[مناقشة الفقيه في بعض مسائل أصول الدين]
  عَلَّامُ الْغُيُوبِ ١١٦}[المائدة]، ولعل(١) الفقيه اختص من هذا الأمر بما لم يختص به أنبياء الله تعالى، حتى اطلع على قلوب الخلق، وعرف نياتهم وقصدهم.
  وما أنكرت أيها العلامة عند نفسك أن قدرة ما ترك لم تخلق له، فلو خلقت له لنقله؛ فحينئذ لا تلحقه لائمة، وكذلك في قوله: يفعلون ما يشاؤنه، من أين يصح هذا على مذهبك؟! وكيف يكون اعتقاد إيجاد أفعالهم فعلهم دون أن يكون فعل الله؟ فلم تعاتبهم على فعل هو للباري دونهم، وهل اقتطعوا رسالتك فقد خرجت من مذهبك؛ إذ لم يخلق الباري لهم قدرة نقلها فما حيلتهم؟
  وكذلك ما عبته على الإمام إن كان فعل الله فارض به واقض بحسنه، وإن كان فعل الإمام ففيم بقي النزاع؟! ولعل الفقيه لما تبين أن كلامه غير منتظم جعل يتطلب الاعتذار، فوقع في أعظم مما نقد عليه أولاً من تخليطه.
  وأما اعتذاره فيما جاء به من قوله: إنه لما ذكر الإمام # الخبر عن النبي ÷ في الحث على النظر والاستدلال وذم تقليد الرجال، ذكر ما هو كالمقدمة لما يريد من الكلام.
  فالجواب: أنه لو صدق في الاعتذار فلم يخلص من الإلزام في قلة نظم الكلام؛ لأن من حق الجواب أن يطابق السؤال، فكان ينبغي له أولاً أن يلتزم بالخبر إن كان ممن يقول بوجوب النظر، أو يتكلم في أن النظر والاستدلال غير واجب في المسائل، ثم يتأول الخبر على ما ينبغي له، ثم يتبع ذلك ما يتعلق به من الكلام مما ذكره له الإمام #.
  فأما أن يجعل جواب الخبر الدال على النظر والاستدلال، وقبح تقليد الرجال أن الله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، ولا تعلق له بالخبر جملة؛ فالسؤال باق عليه إن أنصف، وما في حكاية المذهب الذي لم يظهر له في الحال من مناسبته
(١) هذا من الإمام تهكم بالفقيه أو على حذف ألف الاستفهام الانكاري أي أو لعل ... إلخ. انتهى من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.