كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جواب الفقيه على القرشي في مسألة أفعال العباد]

صفحة 494 - الجزء 2

[جواب الفقيه على القرشي في مسألة أفعال العباد]

  ثم قال [الفقيه]: فأقول وبالله التوفيق: أول ما في كلام هذا الرجل أنه ادعى على أهل البيت أنهم قائلون بقوله، وذاهبون إلى مذهبه، ولسنا نسلم ذلك في أهل البيت الطاهرين - عليهم أفضل الصلاة والسلام - فإن أراد بذلك إمامه ومن ضاهاه من شيوخه المتأخرين، المخالفين لما جاء به سيد المرسلين؛ فالأمر على ما ذكره، ولم يقل بذلك إلا من خالف الكتاب والسنة، ومذهب السلف الصالح، ولم يكن له في ذلك صحيح نظر.

  ولقد أخطأ في التقسيم إذ جعل جهم بن صفوان وغيره ممن خالفه مجبرة قدرية، وقد بينا أن جهماً ومن تبعه مجبرة، وأن هذا الرجل وفرقته قدرية، وأقمنا على ذلك الدليل، وأوضحنا فيه السبيل، وأكثر ما في احتجاجه إنما يلزم المجبرة الذين يعتقدون أنه لا فعل للعبد أصلاً، وأن إضافة الفعل إليهم كإضافة الصور والألوان، وأما أهل السنة الذين يثبتون للعبد قدرة واختياراً، ويعتقدون أن أفعاله الجارية على يديه ليست إلجاء واضطراراً فلا يلزمهم ذلك، لكنك لما جهلت مذهبهم، ولم تعلم طريقتهم صرت تحتج على غيرهم، وتزعم أنه لازم لهم، ونحن نوافقك على ما ذكرت، وأنه يلزم جهماً وطبقته لا سواهم.

  وأما قولك: إن الطاعات لو كانت من خلقه تعالى لم يكن للأمر بها وجه، وأن المعاصي لو كانت فعلاً له وخلقاً لم يكن للنهي عنها وجه ... إلخ - فكلام ضعيف يمكن معارضته بما لا محيص عنه؛ فنقول: وكذلك الطاعات والمعاصي لو علم الله تعالى بوجودها لم يكن للأمر بها والنهي عنها وجه؛ لأن ما علم الله كونه فلا بد من وجوده سواء أمر به أو لم يأمر به فلا يكن للأمر به والنهي عنه وجه على أصلك، وإلا فما الفرق بين الأمرين؟ ولم يجد ذلك أبداً، ونحن متفقون على إبطال الإلجاء والإجبار في أفعال العباد.

  وأما ما أشار إليه القدري من التولد وهو مثل الكسر الذي يحصل عند