كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جواب الإمام # على تخاليط فقيه الخارقة في مسألة أفعال العباد]

صفحة 497 - الجزء 2

  وأما قوله: «فإن أراد بذلك إمامه ومن ضاهاه من شيوخه المتأخرين المخالفين لما جاء به سيد المرسلين ..» إلى آخر ما ذكر.

  فالجواب: أنا قد قلنا بما جاء به سيد المرسلين، وهو قول السلف الصالح من آبائنا الطاهرين، ومن تابعهم من المسلمين وهو قول شيوخنا المتأخرين، والحق عند الجميع منهم في ذلك واحد لا يختلف، وسنذكر من ذلك طرفاً مع ما تقدم.

  وأما قوله: «ولم يقل بذلك إلا من خالف الكتاب والسنة ومذهب السلف الصالح».

  فالجواب: أن هذه فرية من الفقيه على عادته بجنس ذلك، بل ما قلنا إلا بما جاء به الكتاب والسنة، ومذهب السلف الصالح، وقد ذكرنا منه طرفاً شافياً عن النبي ÷ وعن علي # وعن أبي بكر وعمر وعثمان وعبدالله بن عباس والحسن وسواهم عند الكلام في ذكر القدرية، غير أن تكرير الفقيه لهذه الفرية علينا يقتضي ذكر شيء مما يزيد ما قدمناه وضوحاً وبياناً بعد استيفاء ذكر ما زعمه دلالة وإلزاماً؛ لئلا يبعد حكاية جواب كلامه متى توسط في أثنائه ما يطول عنده.

  وأما قوله: «ولقد أخطأ في التقسيم؛ إذ جعل جهم بن صفوان وغيره ممن خالفه مجبرة قدرية، وقد بينا أن جهماً ومن تبعه مجبرة، وأن هذا الرجل وفرقته قدرية، وأقمنا على ذلك الدليل، وأوضحنا فيه السبيل».

  فالجواب: أن تسليمه أن جهماً وفرقته مجبرة يلزمه مثل ما لزمهم؛ لأن الجميع منكم يقول: إنه لا خالق لأفعال العباد إلا الله تعالى، وسنبين إن شاء الله تعالى أن فرقكم بالكسب بينكم وبين الجهمية فرق لا يخلص مما ألزمناه الجميع، من المذهب الشنيع، والقول الفظيع، وقد أعاد المناقضة؛ لأنه قد كان نفى عن جهم الجبر، ورده إليه على أن له في نفسه ما أراد: