[جواب الإمام # على تخاليط فقيه الخارقة في مسألة أفعال العباد]
  ويلزمك ما يلزمه من مخالفة هذه الأدلة، وما يتوجه عليه من الشناعة، ومخالفة الكتاب والسنة.
  ويزيد ما ذكرناه وضوحاً: أن أكثر القبائح من ظلم العباد، والسعي بالفساد، لا يظهر إلا في المتعدي من الأفعال كقتل النفوس، وهدم المساجد، وتمزيق المصاحف والجراحات، وإتلاف الزروع وسوى ذلك.
  وإن كان هذا النوع مما تقرر قول الفقيه بإضافته إلى الله تعالى من كل وجه؛ فقد عمد إلى إظهار القبائح وأفرده تعالى بها ونزه العبد عنها، ولقد عقل شيخ الجبرية أبو مرة من هذه المسألة ما لم يعقله الفقيه من حيث حكى الله عنه قوله: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}[النساء: ١١٩]، ولم ينكر عليه ø ذلك، ولا قال تعالى: أنا المتفرد به وهم لا يقدرون على فعله، والتقرير من الحكيم لا يكون إلا للفظ المستقيم.
  على أن الطريق الذي أجمع به الفقيه على أن تصرف جوارحنا منا، وهو أن يقف على قصودنا ودواعينا، وينتفي بحسب كراهتنا وصوارفنا بخلاف ألواننا وصورنا، هو ثابت في الذي يوجد من ذلك في غيرنا؛ فقد يقصد أحدنا الإحسان والإساءة إلى غيره فيقع من ذلك ما تتعلق به قدرته دون لونه، فكيف يقع الفرق بين أمرين جمعتهما الدلالة؟
  وقد ظهر له من كلامنا هاهنا ما يستدل به على أن أفعال العباد منهم لا من الله سبحانه، وأن المبتدأ منها والمتولد سواء في كونهما من العبد لا من الله تعالى، وهذا واضح لمن تأمله بعين الإنصاف بحمد الله ومنه.
  على أن الفقيه حيث قال: «إن أهل السنة الذين يثبتون للعبد قدرة واختياراً ويعتقدون أن أفعاله الجارية على يديه ليست إلجاء واضطراراً فلا يلزمهم ذلك».
  [قال الإمام:] وكلامه هذا يجمع المبتدأ من الأفعال والمتولد إن استقام عند احتجاجه هذا ولم ينقضه كما قد فعل ذلك فيما سبق مراراً.