كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جواب الإمام # على تخاليط فقيه الخارقة في مسألة أفعال العباد]

صفحة 501 - الجزء 2

  وأما قوله بعد حكاية ما قاله صاحب الرسالة: «ولم يذكر هذا الرجل دليلاً على ما قاله سوى ما ألزمه المجبرة، وهو غير لازم لنا».

  فالجواب: أنه قد ذكر الدليل، وبناه على الأصول، وإنما يختص بمعرفة ذلك أهل النصفة من أهل العقول؛ فإن طلب المعارضة أعطيناه بما طلب؛ فلينظر فيما نقلنا من الأدلة، وإن استزاد زيد.

  وأما قوله: «وهو غير لازم لنا».

  فالجواب: أنا قد بينا أنه لازم للجميع لكل واحد من الأدلة الأربعة، وبما به ادعى أنه فارق الجهمية أيضاً فإنه يقتضي المساواة بين المبتدأ والمتولد.

  وأما قوله: «ولكنا نستدل على ذلك بحسب ما يحتمله الحال من طريق البرهان والإلزام؛ أما البرهان فنقول لهم: ما تقولون في هذه الأفعال التي تدّعون أنها متولدة، أهي مقدورة أم غير مقدورة؟ ..» إلى آخره.

  فالجواب: أن لفظه فيه اضطراب؛ لأن الفعل هو ما وجد ممن كان قادراً عليه، والمقدور هو ما يصح إيجاده؛ فإن كان الفقيه ممن له في هذا الشأن قدم فلينظر في عبارته وكلامه ففيه مناقضة ظاهرة، وبناء الأصل على فرعه.

  وإن كان غير عارف بطريقته فلينفق ذو سعة من سعته، ووقعت المسامحة، واطرحت المشاحة، كما لا يؤاخذ العجمي بتحبير الألفاظ العربية الصريحة، وإن كان هذا الذي ذكرنا أولاً من تبجحه لكن الصفح من شيم المؤمنين؛ فإن رحمة الله قريب من المحسنين؛ ولعل الفقيه يقول: لم يأت بالآية بلفظها لما وقع التمثيل بمعناها.

  وأما انتهاؤه في إيراده إلى أن المسبب هل يمكن وجوده من دون سببه أم لا؟ فإن أمكن، خرج عن كونه مسبباً، وإن لم يمكن، خرج عن التعلق بالقادر، هذا معنى سؤاله، وهو أصح من عبارته.

  فالجواب: أن المسبَّبَ فعلُ فاعل السبب للأدلة التي قدمنا ذكرها: