كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جواب الإمام # على تخاليط فقيه الخارقة في مسألة أفعال العباد]

صفحة 503 - الجزء 2

  والرابع: بحضور وقت سببه؛ لأن حكمه حكم مسببه كما قدمنا.

  والخامس: تقضي وقته؛ لأن وجوده بعد وقت وجوده يقتضي تعدي تعلق القدرة؛ فيؤدي إلى أن لا يتفاضل القادرون، ويؤدي أن لا تحصل ممانعة بين قادرين أصلاً، ويؤدي إلى جواز نقل الجبل ممن يقدر على تحريك ريشة.

  والسادس: تقضي وقت سببه لما بينا من أن حكم المسبب حكم سببه، ولأن السبب لا يتعدى في الإيجاب، وما لزم في القدرة يلزم في إيجاب السبب.

  وهذه مسألة نفيسة سمح بها الخاطر يعرف قدرها أهلها، ويضجر من سماعها من ليس له خبرة بهذا الفن، غير أن الواجب البيان، ولا علينا إن لم يفهم سائر الحيوان.

  وقد ظهر الجواب عن قوله: «إن ما وجب يستحيل كونه مقدوراً» لما بينا عند وجود سببه فهو في حكم الموجود، وبينا أن هذا الحكم خاص في القادر بقدرة دون القادر لذاته سبحانه وتعالى.

  على أن إطلاق الوجوب لا يكفي في الإلزام فإن المقدور المبتدأ يجب وجوده عند قصد القادر وداعيه، وزوال الموانع، ولا يخرج بذلك من كونه مقدوراً له، لما كان الوجوب راجعاً إلى استمرار حصوله دون الوجوب الذي هو استحالة خلافه كما نقول في وجوب حصول الصفات عن العلل، وبذلك تفارق العلل الأسباب؛ فانظر فيما ذكرنا إن كانت هنالك ذخيرة من هذا الفن، أو اتصال بمن عنده ذلك أو شيء منه.

  وأما قوله: «وأما الإلزام فنقول: استدل أكثر المعتزلة على أن الأفعال تقع متولدة بأنها تقع على حسب أفعالنا، فإذا وجد اعتماد كثير وحركات كثيرة كثر الفعل، وإذا قصد الواحد منا أن يرمي شيئاً وقع على ما قصده، فلما كانت واقعة على حسب قصدنا وإرادتنا دل على أنها متولدة من أفعالنا.

  قلنا: وقد تختلف وتكثر ولا تقع على حسب القصد، وقد يرمي شيئاً فيقع في غيره.