[جواب الإمام # على تخاليط فقيه الخارقة في مسألة أفعال العباد]
  قالوا: إذا انتفت الموانع بكل وجه حصل على الوجه الذي قصده.
  قلنا: هذا قول أهل الطبع إذا انتفت الموانع والعوائق المضادة له؛ فإنه يحصل الفعل ضرورة بالطبع، كما إذا قربنا قطنة من النار ولم يتخللها مانع حصل الاحتراق، فيقولون: إن هذه الأفعال عند وجود الأسباب تحصل طبعاً لا تولداً؛ فإما أن يلتحقوا بأهل الطبع أو بأهل الإسلام».
  فالجواب: أن ما ذكره عن الطبائعية لا يلزم؛ لأن الطبع غير معقول في نفسه، وكم وقعت المطالبة بتصحيحه، وأنه هل يرجع إلى ذات الجسم، أو أعراضه الملازمة، أو صفاته، أو صفاتها، أو إلى الأعراض التي يجوز خلو الجسم عنها، أو إلى المدرك منها، أو إلى ما يوجب حالاً للمحل أو الجملة، وهل هو حالة لهما، فما ثبت شيء من ذلك، ولا وقعت الإحالة بالطبع إلا مثل الإحالة بكسب الأشعرية، وبدل(١) النجارية، وطفرة النظامية، وتأويلات الباطنية، وإحالة المطرفية؛ فإن جميع ذلك إحالة إلى مجهول؛ فوجب نفيه.
  يحقق ذلك: أنه إن وقف بمعناه على واحد من الحوادث كان لا بد له من محدث، ثم يقال له: هل حدث بطبع تسلسل الكلام، أو حصل بفاعل؟ انقطع الطبع.
  ثم يقال له: الثابت عندك بالطبع هو محدث، ولا بد له من محدث، ثم قد يكون من أفعال العباد فيجب إضافته إليهم كما ذكرنا في المسألة.
  وقد يكون من أفعال الله سبحانه فيجب إضافته إليه سبحانه كما ذكرنا في إحراق النار للقطن وما شاكله، ولا فرج للفقيه في ذلك كيفما كان.
  وكذلك الكلام فيما مثل به بعد ذلك من قدح الزناد والحجر فتخرج النار، وحصول السواد عند اختلاط العفص والزاج.
(١) قد سبق تفسيره في الجزء الأول. انتهى.