كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جواب الإمام # على تخاليط فقيه الخارقة في مسألة أفعال العباد]

صفحة 505 - الجزء 2

  وأما الحرارة عند حك الجلد فهي حرارة الدم تنزعج بالحك، وهي في الجسم الأول فلم يحدث في الحال.

  وأما اللذة عند حك الجرب فلما يقترن بذلك من الشهوة، وهي خلق الله تعالى، وكذلك حصول اللون من خضرة، أو حمرة هو حمرة الدم تنزعج بالضرب ثم يحتبس تحت البشرة، ولهذا لو ظهر لم يبق أثره ولا لون.

  وأما قوله: «فإن قالوا: فما تذكرونه رد للشرائع؛ فإنه قد استقر أن الجارح يتولد من فعله الآلام، وإن السراية من الجراحة إذا سرى وجب عليه القصاص، ويقال: هذا شجه فقتله، ويقال: ضربه فكسره فعليه الضمان، وهذا ظاهر.

  قلنا: هذا كله لا حجة لكم فيه؛ فإن الشرع ينبني على الأفهام العامية والعادات الظاهرة، وليس القصاص يجب لما ذكرتم بأن أفعاله ولدت سرايات، والدليل على ذلك أنه لو حبسه حتى مات جوعاً وجب عليه القصاص، وإن كان الجوع غير متولد من الحبس، وكذلك الضمان يجب عليه بمثل هذه الطرق.

  وقد بينا أن الآلام تحصل عقيب الأفعال وإن لم يكن هذا بطريق التولد، وكذلك العلم يتولد عن النظر عندكم، وأنه يضاده فدل على أن الإطلاق من العرف لا يعول عليه».

  فالجواب: أن ما أورده من الأسئلة على نفسه وما اعتمد عليه من الأجوبة في كثير منه كلام، فإنه خلط الغث بالسمين، والذي يتحصل من جواب الجميع مع اضطرابه:

  [١] أن ما حصل من الأفعال بحسب قدرتنا⁣(⁣١) وآلاتنا فهو فعلنا تحقيقاً،


(١) قال ¦ في التعليق: ومن هنا يثبت أن فعل النائم والساهي منهما، وأنه متعلق بقدرتيْهما، فلا يقدح كون فعلهما لم يصدر عن داعٍ في الدليل على أن أفعال العباد مقدورة لهم، محتاجة في حدوثها إليهم، وهو أنها توجد عند قصدهم لها لداعٍ يدعوهم إليها مع سلامة الأحوال، وتعدم عند كراهتهم لها لصارف، بخلاف ألوانهم وصورهم فَعَلِمْنَا بهذا أنها أفعالهم تتعلق بهم، وأن =