[جواب الإمام # على تخاليط فقيه الخارقة في مسألة أفعال العباد]
  ويلزم الحكم عليه لأجل تعلقه بنا وحدوثه من جهتنا.
  [٢] وما حصل بحسب الأسباب منا الموجبة كالاعتماد والنظر والكون حتى أنه يقع على ذلك الوجه لسببه يقل بقلته ويكثر بكثرته - فهو فعلنا كما في الأول، وإن اختلف وجه دلالتهما، واختلفت شروطهما.
  [٣] وما حصل لما يجري مجرى السبب، وهو أن يتعرض بما عودّنا الله تعالى حصوله عند فعال أخرى، أو منع مما عود حصوله أمر آخر عنده فهو في الحكم كأنه فعلنا، وإن كان فعل الله تعالى:
  فالأول(١): كحركة أعضائنا.
  والثاني(٢): ما يحصل من حركات آلاتنا المتصلة والمنفصلة كالقلم والسيف، وما يحصل بسببهما من كتابة وقطع، وكالاعتماد وإيجابه للكون والصوت والألم،
= لهم قدرة على إيجادها؛ لأنه ليس معنى أنها توجد عند الداعي أنها لا توجد إلاَّ عنده، بل المعنى أن وجودها عند الداعي دليل على أنها مقدورة، وليس يمتنع وجود دليل آخر على أنها أفعالهم، وإن لم يلاحظ الداعي، ففيما يصدر عن النائم والساهي نقول: حصوله على قدر قدرتهما قوةً وضعفاً دليلٌ على أنه مقدورهما.
لا يقال: لم تثبت قدرتهما إلاَّ بعد العلم بأنه فعلهما، ولم يثبت أنه فعلهما إلاَّ باعتبار الداعي، وهو مفقود، فيكون استدلالاً بالفرع على أصله.
لأنَّا نقول: وجود الفعل عند الداعي في حق العالم دليل على ثبوت القدرة لهما، ولم يصح كون نحو النوم مزيلاً لها، فهي باقية فوجود الفعل بحسب القدرة لهما قوة وضعفاً على الاستمرار دليلٌ على أنه فعلهما، فلم يكن فيه استدلال بالفرع على الأصل، وإنما هو استدلال بوجود الفعل عند الداعي في حق العالم على ثبوت القدرة لنحو النائم؛ لأنه لم يقم دليل على أن نحو النوم يزيل القدرة.
ثم نستدل بكون الفعل على حسب قدرته على أنه فعله ومقدوره، فهذا استدلال على التدريج، وهو أولى من الحكم بأن فعل النائم ونحوه عن داعٍ تقديراً؛ لأن التقدير لا يصح اعتباره في الأحكام العقلية، وإنما يعتبر في نكات الألفاظ، فتأمل. تمت.
(١) وهو ما حصل من الأفعال بحسب قدرتنا.
(٢) هو ما يحصل بحسب الأسباب منا الموجبة.