كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جواب الإمام # على تخاليط فقيه الخارقة في مسألة أفعال العباد]

صفحة 507 - الجزء 2

  وكالنظر على الوجه الصحيح مع تكامل الشروط فإنه يوجب العلم، وكالكون يولد التأليف مع اعتدال الرطوبة واليبوسة.

  والثالث⁣(⁣١): مثل إلقاء الغير في البرد والنار وإغلاق الباب وسقيه السموم، وما شاكل ذلك فإن هذه الأمور الحادثة الأخر وإن كانت أفعالاً لله فإنها في الحكم كأنها فعل مَنْ غَرضُه التهلكة؛ لأن الله تعالى عودنا حصول هذه الأفعال عند حصول هذه الأمور عادة لا تختلف إلا عند نقض العادة حياطة بمعجزات الأنبياء $، ليكون من ادعى النبوة ثم ادعى أنه يلقي نفسه أو غيره في النار أو البرد ولا يهلك أو يقيم مدة من الطعام ثم لا يهلك، أو يتحسى السم ثم لا يهلك؛ فإنه متى فعل الله له ذلك عقيب دعواه كان كالتصديق له في دعوى النبوة؛ فلو وجد شيء من ذلك على يدي غير مدعي النبوة لانقلب عادة، ويخرج عن كونه دلالة على صدق مدع ولا تكذيبه، فهذا هو الفرق بين هذه الأفعال، ولم يبق بعد ما ذكرنا من هذه الأمور الثلاثة إلا صور المسائل وتعيينها، وذلك غير خاف عند الجميع.

  وأما ما حكى من قوله: «وسوى هذا من الأدلة العقلية والسمعية مما لو استقصيناه لنفدت فيه الطوامير مع كونه لم يذكر دليلاً، بل سلك غير الحق سبيلاً؛ فلسنا ننكر أمثال هذا من تبجحاته، وكم قد عثرنا على سقوطه وتهوراته».

  فالجواب: أن دعوى التبجح يظهر صحته وفساده عند الامتحان؛ فإن كان الفقيه من أهل هذا الشأن، فهذا الفرس وهذا الميدان، ولينظر فيما ذكرنا من تعليق المقدورات بالقادرين، والفرق بين تعلقها بهم، وما ذكرنا من حكم مقدور القدر ومخالفته لما يتعلق للقادر لذاته، وما تقدم قبل ذلك وتأخر، فإن


(١) هو الذي يجري مجرى السبب.