[جواب الإمام # على تخاليط فقيه الخارقة في مسألة أفعال العباد]
  أتى بالمعهود من كلام العلماء كان حرياً بصحة الدعوى، وإن أتى بمثل ما قد عودنا كان مدعياً على غيره بما هو أحق به.
  وأما قوله حاكياً عن العدلي: «وأما ما يتعلق به كثير منهم - أعني المجبرة القدرية - من لفظة الكسب فلا معنى له.
  [قال الفقيه: ] فلا شك أن المرء عدو ما جهل، وما أشبهه بما قيل في المثل:
  أتانا أن سهلاً ذم جهلاً ... علوماً ليس يعرفهن(١) سهل
  ولو لم يخل عنها ذبّ عنها ... ولكن الرضا بالجهل جهل
  وقد ذكرنا معنى الكسب، ووجه حقيقته فلا غرض لنا في إعادته».
  فالجواب: أنه جعل جواب سؤاله عن الكسب وحكاية أنه غير معقول التمثل بالبيتين هما بما عليه الفقيه أشبه، بل زاد على معناهما؛ لأنه أضاف إلى الجهل الكذب؛ فإنه قال: «وقد ذكرنا معنى الكسب ووجه حقيقته»، وما حكى في معناه ولا في حقيقته لفظة واحدة فيما ظهر لنا، وأجمل ما يحمل عليه لفظ الفقيه أنه كان عازماً على كتبة شيء ثم ذهل عنه أو أملاه على كاتبه فنسي الكاتب.
  وقوله: «لا غرض لنا في إعادته» فالإعادة فرع على الابتداء فما لم يبتده لا يسمى ما يوجد ابتداءً إعادة.
  وأما قوله: «فالآن فنقيم الدليل على ما ذكرنا من خلق الله لأفعال العباد على سبيل الاختصار على حسب ما يحتمله هذا الكتاب؛ فنقول: اتفق سلف هذه الأمة قبل ظهور البدع على أن لا خالق إلا الله تعالى، ولا مبدع سواه، خلافاً للمجوس وغيرهم من المشركين، وأن أفعال العباد من جملة مخلوقاته فهو مبتدعها والقادر على إحداثها، وللعبد قدرة متعلقة باكتسابها، وهو مريد لها
(١) يدريهنّ. (ظ).