كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[جواب الإمام # على تخاليط فقيه الخارقة في مسألة أفعال العباد]

صفحة 509 - الجزء 2

  مختار وهي تجري على يديه من غير إلجاء ولا إجبار.

  فالجواب: أن وعده بأنه يقيم الآن الدليل على خلق الله أفعال العباد فسماها أفعالاً لهم، مع أن الفعل ما وجد ممن كان قادراً عليه قبل وجوده.

  ثم قال: «اتفق سلف هذه الأمة قبل ظهور البدع على أن لا خالق إلا الله تعالى، ولا مبدع سواه، خلافاً للمجوس وغيرهم من المشركين» - فجعل الفقيه عنوان الدليل على أفعال العباد إجماع سلف الأمة، وهذا لا يصح؛ لأنا لا نعلم صحة إجماع السلف إلا بالكتاب والسنة، ولا يصح العلم بالكتاب والسنة إلا بعد أن يعلم الصانع تعالى وصفاته، ويعلم عدله وحكمته، وأنه لا يظهر المعجز على كاذب؛ لأن إظهاره على الكاذب قبيح، والله تعالى لا يفعل القبيح؛ فمتى لم نعلم أفعاله تعالى حتى نعلم أنه لا يفعل القبيح؛ فإذا كنا لا نعلم أنه لا يفعل القبيح إلا بالإجماع الذي لا يتم إلا بعد السمع، والسمع لا يعلم إلا بعد هذه المسألة وما قبلها، وقف كل واحد من الأمرين على صاحبه⁣(⁣١)؛ فلا يصحان، ولا


(١) قال ¦ في التعليق: لأنَّا علمنا أفعاله تعالى بالإجماع، ومعلوم أنه ليس بدليل حتى نعلم أن الله لا يفعل القبيح، فإذا كنا لا نعلم أنه لا يفعل القبيح إلا بالإجماع؛ لأن الفقيه لا يُثْبِت العلم بأنه لا يفعل القبيح لا بعقل ولا بسمع لكنه بتوقيف [في الأصل بتوقف] الإجماع عليه فلزم أن ليس الدليل عليه إلاَّ الإجماع فتوقف على الإجماع من هذه الجهة، والإجماع متوقف عليه لتوقفه على السمع، وتوقف السمع وصدقه على كون الله لا يفعل القبيح فهذا دور [قوله: فهذا دور، جواب الشرط وهو: فإذا كنا لا نعلم ... إلخ]، والله أعلم.

وأراد الإمام # في كلامه هذا أن الفقيه استدل على أن الحوادث كلها أفعال الله تعالى، بالإجماع فأجاب الإمام بأن صحة الاستدلال بالإجماع متوقفة على السمع، وصحة الاستدلال به متوقفة على ثبوت الصانع وعدله، وأنه لا ينصب معجزة لكاذب؛ لأنه حكيم لا يفعل القبيح.

قال #: (فمتى لم تُعلم أفعاله حتى نعلم أنه لا يفعل القبيح). يعني أنها لم تعلم أفعاله إلاَّ بالإجماع وهو لا يصح إلاَّ بعد العلم بأن الله لا يفعل القبيح، لأن الإجماع متوقف على هذا العلم بوسائط وهي العلم بالسمع، والعلم بالسمع على العلم بالصانع وحكمته وصدقه، وأنه لا يفعل القبيح، فإذا كنَّا لا نعلم أنه لا يفعل القبيح إلاَّ بالإجماع - لأنَّا قد علمنا به أنه تعالى يفعل القبيح على دعوى الفقيه - ونحن لا نعلم ذلك به حتى نعلم أنه تعالى لا يفعل القبيح. =

=