كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[استدلال الفقيه في أفعال العباد بالعقل والشرع وتفنيد الإمام (ع) لكلامه]

صفحة 521 - الجزء 2

  اختص بها المطيع ليعرف حاله الحفظة وغيرهم.

  وعلى أن ما حملها الفقيه عليه لا يوافق قوله تعالى: {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ٢٨} وكيف يتبع الهوى ويوصف بأن أمره فرطاً، والخالق عنده لجميع ذلك هو الله تعالى؟ لولا قلة التحصيل في التأويل.

  وأما تمثيله لذلك بقوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ٤٣}⁣[النجم]، في أنه تعالى يخلق الضحك والبكاء؛ فبعيد من وجهين:

  أحدهما: لما قدمنا من أن الإغفال يرجع إلى النفي لا إلى إحداث فعل.

  والثاني: أنه لو كان فعلاً لم يكن من الله تعالى؛ لأنه خرج مخرج الذم بخلاف قوله: {أَضْحَكَ وَأَبْكَى} على أنه تعالى لم يذكر متى فعل به ذلك، وعلى أنه لو ثبت أنه تعالى فعل الضحك والبكاء لم يلزم أن يكون تعالى فاعلاً لأفعال العباد؛ لأن البكاء الذي هو إرسال الدمعة من فعل الله تعالى، والضحك الذي هو التفتح قد يجوز أن يكون من فعله تعالى؛ لأنه قد يحصل بغير اختيار العبد⁣(⁣١) في بعض الحالات.

  على أنه لا يجب لو فعل الضحك والبكاء أن يطلق⁣(⁣٢) عليه الوصف من كل


(١) قال ¦ في التعليق: يعني ولا يلزم من إطلاق {أَضْحَكَ} أن يشمل الضحك الذي يتعلق به الثواب والعقاب؛ إذ لا عموم في الفعل المثبت وإنما الخلاف في المنفي هل يفيد العموم أم لا؟ فيحمل هنا على ما كان حصوله بغير اختيار، أو على التجوز وهو أنه تعالى لما جعله على صفة بحيث إذا حصل أمر مستغرب أو أمر محزن تمكن العبد من التَفتُّح المسمى ضحكاً، ومن التَشَبُّحِ مع إرسال الدمعة المسمى بكاءً كقوله تعالى: {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ}⁣[النمل: ٤]، والله أعلم. تمت.

(*) جواب (لما) [أي (لَمَّا) المذكورة في الأصل أي الشافي] محذوف أي صار كالجاعل للعبد ضاحكاً وباكياً فيجوز في اشتقاق {أَضْحَكَ وَأَبْكَى ٤٣}⁣[النجم]، له تعالى، والمجاز يكفي فيه أدنى ملابسة. تمت.

(٢) قال ¦ في التعليق: ينظر؛ فليس النزاع في إطراد أَفْعَل لمن فعل الفعل حتى يقال لا يلزم من إطلاق أضحك على من فعل الضحك والمراد هنا الجعل [أي جعل غيره يضحك بأن خلق فيه الضحك، لا بمعنى ضَحِك الثلاثي إذ لا قائل بأن أضحك في الآية بمعنى ضحك] لا بمعنى =