كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[استدلال الفقيه في أفعال العباد بالعقل والشرع وتفنيد الإمام (ع) لكلامه]

صفحة 522 - الجزء 2

  فعل فعله فيقال: إنه تعالى أجهل وأفسق وأضل إلى سائر الأسماء المشتقة.

  والمراد بالآية: أنه تعالى فعل السبب الذي عنده وقع منهم ذلك، وأراد بالضحك ما نالوه من السرور، وبالبكاء خلافه، ويمكن أن يراد بذلك الثواب والعقاب.

  وأما قوله: «والضحك والبكاء كسب⁣(⁣١) للعبد يثاب على بعضه ويعاقب على بعضه».

  فالجواب: ما قدمنا، إن رجع بالكسب إلى أنه أحدث الفعل كان رجوعاً عن


= فَعَل الثلاثي، فلا قائل به في حقه سبحانه إطلاق أفعل في كل فِعْلٍ فُعِلَ فيشتق لإحداث الجهل والفسق والإضلال أفعل، لأنه سماعي في كل معانيه، وإنما النزاع في أنه أطلق أضحك ونحوه ولا بدّ له من معنى [اعلم أن أفعل تأتي لمعان: أحدها: التعدية نحو (أجلست زيداً)، والثاني: التعريض نحو (أبعت الثوب) أي عرضته للبيع، والثالث: صيرورة فاعله صاحب شيء (كألحم زيد) أي صار ذا لحم، الرابع: لوجودك مفعوله على صفة (أبخلته) أي وجدته بخيلاً، الخامس: سلب مصدره عن مفعوله نحو (أشكيت زيداً) أي أزلت شكواه، السادس: بمعنى فَعَلَ نحو (أقلت البيع) أي قِلته. فتأمل]، فبمعنى فَعَل محال ولا قائل به، والصيرورة كذلك والتعريض إن قدرت له معمولاً بعيد، وكذا بمعنى وجوده على صفة الضحك مع تقدير المعمول بعيد، وبمعنى السلب أبعد، ولا يحتمل الدعاء ولا الحكم والنسبة. فتعين أنه بمعنى الجعل وهو ممَّا يثاب عليه ويعاقب، وفي الظاهر أنه مجعول الله، تعالى.

فالأحسن في الجواب أنه {أَضْحَكَ وَأَبْكَى ٤٣} في الآخرة أو في الدنيا لنوع من الضحك والبكاء، وهو المضطر إليه؛ إذ لا عموم في الفعل، ولا يضر كونه على الحقيقة.

وإمَّا أن يكون مجازاً بمعنى جعل سبب الضحك والبكاء، من خلق ما به يحصل الضحك والبكاء، من السرور والحزن كما أشار إليه الإمام #، والله أعلم.

(١) وأما قوله كسب للعبد يثاب على بعضه يعني وقد أسند إلى الباري تعالى بقوله تعالى: {أَضْحَكَ ..} إلخ، فالجواب: ما مر من أنه لا يلزم من إطلاقه شموله لما يثاب عليه أو يعاقب وبأي وجه، وإنما هو فعل مثبت لا عموم له، أو أنه أسند إليه تعالى لما خلق الأسباب المستغربة والمحزنة التي يقع عندها الضحك والبكاء فهو للجاعل للعبد ضاحكاً أو باكياً أو أنه كما قالت العدلية في مثل قوله تعالى: {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ}⁣[النمل: ٤]. تمت من التعليق للمولى العلامة الحسن بن الحسين الحوثي - رحمة الله عليه -.