[مباحث هامة حول الحدوث وصفته وتعدده]
  الذي يبين ذلك ويوضحه: اتفاقنا على أن الباري سبحانه لما كان قادراً على الإحداث لم تنحصر قدرته في تعلقها بالحدوث على جنس دون جنس، وعلى هذا نبه الله تعالى ذكره في القرآن الكريم حيث قال: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ٨١}[يس]، فبيّن أنه لما كان قادراً على إحداث شيء وجب أن يقدر على إحداث مثله وما في معناه.
  ولما اتفقنا على أن صفة الحدوث في جميع الأجناس صفة متساوية، وأن العبد لا يقدر على إحداث الجواهر والألوان وجب أن لا يقدر على إحداث الأكوان والعلوم والإرادات؛ لأن أحد الحدوثين في معنى الآخر في باب الجواز والصحة، وفي باب الامتناع والاستحالة، وهذا مما لا جواب عنه».
[مباحث هامة حول الحدوث وصفته وتعدده]
  فالجواب: أن الفقيه صرح في هذا الكلام بما طال ما أحجم عنه، وهو أنه جعل جميع أفعال العباد فعلاً لله تعالى، ويكفي في جوابه إيراده؛ لأن الفعل إذا كان لله فما الذي نقد على خصمه؟ وإلى ما(١) يريد رده إلى فعله أو إلى فعل الله تعالى؟ فيا له من مذهب ما أعجبه وأغربه! في تصحيحه إبطاله.
  وعلى أنه صدر كلامه هنا بأمور يجب البحث عنها قبل الاشتغال بالجواب.
  منها: قوله إن صفة الحدوث في كل محدث صفة متساوية غير مختلفة ولا متزايدة، وهذا اللفظ إنما يطلق حقيقة في الذوات التي هي أشياء مختصة بصفات متى اختص ذاتان بصفتين منها على وجه واحد كانا مثلين؛ لأنه قد ثبت لهما المقتضي وهو الصفة الذاتية، وشرط الاقتضاء وهو الاشتراك فيها.
  والمتضادان هما المختصان بصفتين ذاتيتين وافترقا فيهما فحصل المقتضي للمقتضى وهو الصفتان الذاتيتان وشرط التضاد وهو الافتراق فيهما.
(١) هكذا في النسخ بإثبات الألف، ولعله على لغة من قال: ما قام يشتمني لئيم، كما قد سبق للإمام ذكرها في صدر الكتاب. انتهى من الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #.