كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[معنى الكون المطلق]

صفحة 530 - الجزء 2

  كتب الأشعرية والله أعلم، وحبره بعبارات من عنده.

  وأما الجواب عن السؤال: ففيه تحقيق ومعارضة، أما المعارضة فيلزمه في الكسب مثل ما رام إلزامه في الإحداث، وهو أنه يلزم أن يكسب بعض الأفعال دون بعض، وصفة الاكتساب صفة واحدة ولهذا لا يدخلها لفظة (افعل) ولا (أشد) كما لا يدخل ذلك في الحدوث.

  فإن كان يصح اكتساب بعض المحدثات من حركات يده دون حركات سيفه وقلمه فهما نوع واحد، بل يكتسب حصول الأجسام والألوان وسائر أنواع المحدثات⁣(⁣١)، فما أجاب به في الاكتساب أجيب به في الإحداث، ويعاد عليه ما مثل به من اختلاف تعلق قدرة العبد وقدرة الباري تعالى على الإعادة، وأن المحال في معنى المحال كما أن الجائز في معنى الجائز إلى آخر ما قال.

  وأما تحقيق الجواب: فإن السائل غلط في سؤاله؛ لأنا وإن قلنا إن القدرة تتعلق بالحركة على وجه الإحداث، فلسنا نقول: إن القدرة إنما تتعلق بها لأنها مما يصح حدوثه حتى يلزم فيما يصح حدوثه أن يصح تعلق القدرة به.


(١) قال ¦ في التعليق: لعلَّ الخصم يقول: لا يلزم من صحة اكتساب نحو الحركات صحة اكتساب ما اختص بالباري من نحو الأجسام، لأنه لم يثبت فيه صفة الاكتساب بوجه؛ إذ لا يقال في تعلق قدرة الباري تعالى بها: اكتساب، ولذا لا يصح أن يطلق عليه تعالى مكتسب، بخلاف الحدوث فإنه متفق على ثبوته لنحو الأجسام.

فالوجه في الجواب: أنه يلزمه أن تستوي مكتسبات القادرين، لأن صفة الاكتساب واحدة في كل مكتسب لا تختلف قوة وضعفاً، ولهذا لا يقال: كسبُ زيدٍ أشدُ كسباً من كسب عمرو.

فإن كان زيد يقدر على كسب حركة سيف فيقدر على كسب حركة جبل نحو طور سيناء، فإنه قد اكتسب حركته جبريل والضرورة تدفعه.

وإن كان لا يقدر على نحو كسب من هو أقوى منه علم أنه لا يقدر على كسب حركة السيف؛ لأن كسب أحد المقدورين في معنى كسب الآخر لا يختلف ولا يتزايد، فلو قدر على كسب بعض لوجب أن يقدر على كسب سائر المكتسبات، فما أجاب به في الاكتساب، فهو الجواب عليه في الإحداث.