كتاب الشافي،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[معنى الكون المطلق]

صفحة 531 - الجزء 2

  بل نقول: إنما صح حدوثه بهذه القدرة لما تختص القدرة به من الصفة، فكان انحصار تعلق القدرة ببعض المقدورات دون بعض لما يرجع إلى كونها قدرة، ولا نقول إن القدرة إنما تعلقت بهذا المقدور لصحة حدوثه وكان وجه الفرق أن الذي تعلقت القدرة بالمقدور فيه هو صحة الحدوث وليس صحة الحدوث هو العلة في صحة تعلق القدرة به، فافرق بين الوجه الذي وقع فيه التعلق وبين العلة في التعلق⁣(⁣١)؛ فنحن بينا الوجه الذي فيه ثبت تعلق القدرة وهو الحدوث.

  ولم نقل إن العلة التي لأجلها تعلق الفعل بالقدرة هو الحدوث فافترقا ولم يلزمنا شيء مما قاله، ولهذا فإن العلم إذا تعلق بشيء على وجه الحدوث لا يلزم أن يكون ذلك العلم بعينه متعلقاً بكل محدث؛ لأنه لا يجوز أن يتعلق العلم الواحد بأكثر من متعلق واحد على طريق التفصيل.

  فكذلك لا يلزم إذا قلنا إن القدرة تتعلق بالحركة على وجه الإحداث أن يصح تعلقها بكل جنس يتأتى فيه الإحداث⁣(⁣٢)، فلينعم الفقيه النظر فيما ذكرناه ففيه لأهل العلم كفاية كافية، على أنه يلزمهم ما قدمنا من أن القدرة متى تعلقت بمقدور على وجه الاكتساب أن تتعلق بسائر المقدورات، وحتى يصح منه أن


(١) قال ¦ في التعليق: فيكون قولهم: تعلقت القدرة بالمقدور لحدوثه [أو] لصحة حدوثه تكون الَّلام في (لحدوثة) علَّة غائية للتعلق. إشارة إلى بيان ثمرة التعلق، وأنه من حيث الإحداث لا من جهة أمر آخر. وتكون [أي لام الجر في (لصحة)] في (لصحة حدوثه) إشارة إلى عدم المانع من صحة التعلق وهو استحالة حدوثه.

وليس عدم المانع المعبر عنه بصحة الحدوث هو العلَّة المؤثرة في التعلق، فإن عدم المانع من أبوة القاتل عدوانا ليس بمؤثر في القصاص، بل المؤثر هو القتل، فليس صحة الحدوث علَّة في التعلق وإنما هي كالشرط في صحة التعلق.

فلا يصح قول الفقيه: (لوجب أن تتعلق القدرة بإحداث سائر الأجناس ... إلخ). تمت، والله أعلم.

(٢) قال ¦ في التعليق: وذلك لعدم المقتضي وهو عدم انحصار القدرة، وحصول المانع وهو انحصارها؛ لأن القدرة في العبد ليست بالذات حتى لا تنحصر؛ بل بالفاعل، فلذا كانت متعلقة ببعض ما يصح دون بعض. تمت.